حديث جابر ركن في هذا الباب، والقاعدة بعد ذلك: كل شرط يتمشى مع مقتضى العقد فهو صحيح؛ لأنه لا يتعارض مع قوة العقد، وكل شرط يتنافى مع مقتضى العقد فهو فاسد؛ لأن الشرط فرع عن العقد، والفرع لا يبطل الأصل، إذاً: نبطل الفرع ويبقى الأصل سليماً، كما في قضية بريرة.
وللعلماء بحث في قوله صلى الله عليه وسلم:(كل شرط ليس في كتاب الله) ، بعض الناس ينتظر أن يجد في كتاب الله نص الشرط، ويبحث عن نص شرط بريرة، وشرط عائشة على بريرة أن يكون الولاء لها، ومتى يكون هذا التفصيل في كتاب الله؟! وهل كتاب الله جاء لتفصيل الجزئيات؟! إنما جاء كتاب الله بقواعد عامة تشريعية تصلح لكل زمان ومكان، فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم:(كل شرط ليس في كتاب الله) أي: كل شرط لا يتمشى مع مقتضى كتاب الله -فيما يجوز وما لا يجوز- فهو باطل، ولو مائة شرط، ما هو الشرط الذي لا يوجد في كتاب الله؟ هو الشرط الذي يتنافى مع مقتضى العقد.
ولذا فالفقهاء قعدوا هذه القاعدة: لكل من البائع والمشتري أن يشترط، ولكلٍ الحق في ما اشترطه، وعلى الثاني أن يوفي بشرطه (المؤمنون عند شروطهم) لأن الشرط جزء من المعقود عليه، فقد يكون تنازل في الثمن من أجل الشرط، وقد يكون زاد في الثمن من أجل الشرط الذي اشترطه لنفسه، إذاً: ما كان من شرط يتناسب مع مقتضى العقد فالشرط صحيح، وما كان من شرط يتناقض، ويتعارض مع مقتضى العقد فالشرط باطل، والله سبحانه وتعالى أعلم.