بين صلى الله عليه وسلم أن للعطاس آداباً وحقوقاً فقال:(إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمته) ، أو:(حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه) .
فحق على المسلم إذا عطس أن يقول:(الحمد لله) ، فيقول له السامع:(يرحمك الله) ، وذكروا في مناسبة قوله:(الحمد لله) أن العطاس قد يطرد الداء من البدن، وقالوا: إن العطاس بمثابة الزلزال يعتري جسم الإنسان، وقد يحدث عاهة فيه، ولهذا ينصح الأطباء من عطس بأنه لا يحرف عنقه يميناً ولا يساراً؛ لأنه في هذا الانحراف مع الانتفاضة ربما تختل فقرات العنق، أما التثاؤب فهو العلامة الكبيرة للكسل والنوم، فإذا كان في الصلاة وتثاءب، فهل هو ممعن الفكر في صلاته، أم أنه أخذ قناة النوم فهو ماشٍ في طريقه إليه، وهذا يتنافى مع الخشوع، والتعليم العام منه صلى الله عليه وسلم لما قال:(التثاؤب من الشيطان) ؛ لأنه هو الذي يحركه في الإنسان، وبعض الروايات:(فلا يقول: هاه هاه؛ فإن الشيطان يضحك عليه) ، وفي بعض الروايات فيها:(إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع، وليضع يده على فيه؛ فإن الشيطان يدخل في فيه) أي: عند التثاؤب لا يفتح فاه مثل التمساح؛ لأن هذه هيئة غير لائقة، لاسيما أمام الناس.
فالتثاؤب من الشيطان، وأمر صلى الله عليه وسلم المتثائب أن يكظم ما استطاع، وجاء النهي بقيد (في الصلاة) ، وجاء أيضاً عاماً، فيحمل المطلق على المقيد، كما تقدم في رفع البصر إلى السماء مطلقاً ومقيداً في الصلاة.
وإلى هنا يكون المؤلف رحمه الله أتى بأكثر الأحاديث الدالة على اجتناب ما يحول دون الخشوع في الصلاة، وعلى الإنسان أن يتحاشى كل ما من شأنه أن يضيع الخشوع في الصلاة، سواءٌ أكان مما يقع قبل الدخول في الصلاة، فيتحاشاه قبل أن يدخل فيها ليدخل مطئمناً، أم كان أثناء وجوده وقيامه في الصلاة، كرفع البصر، وما يتعلق بالأمور التي تقع أو تعرض للإنسان وهو في صلاته بالفعل وإلى هنا انتهى المؤلف من هذا الباب.