هذا أنس رضي الله عنه يقول:(كان) يحكي فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر.
قوله:(إذا ارتحل) أي: شد الرحل على الناقة، وهي كناية عن بداية الرحلة.
قوله:(كان وقت ارتحاله في النهار)(قبل أن تزيغ الشمس) : عادة المسافرين أنهم يصلون الصبح وينطلقون؛ لأن في ذلك الوقت بركة، وتكون الإبل مستريحة طوال الليل فيمشون إلى وقت الضحى، كما يقولون:(نضحي) أي: ننزل نضحي، فالضحوة قبل الظهر، (ونعشي) أي: بعد العصر قبل المغرب، فيريحون الإبل إلى أن يصنعوا عشاءهم ويدخل المغرب فيصلون.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صادف أن ارتحل في النهار إما أن يكون قبل الزوال وإما أن يكون بعد الزوال.
وقوله في الحديث:(تزيغ الشمس) بمعنى: تزول عن كبد السماء، يقول أنس رضي الله عنه: إن كان ارتحاله قبل الزوال -يعني: قبل مجيء وقت الظهر- وليس هناك صلاة لا تقديم ولا تأخير، فإنه يؤخر الظهر إلى التي تليها وهي العصر، ثم بعد ذلك ينزل، يعني: بعد أن يدخل وقت الظهر وهو في سفره، ثم يدخل وقت العصر وهو في سفره، فيصليهما جميعاً.
وعلى هذه الصورة يعتبر في هذه الحالة جمع تأخير.
يقول أنس رضي الله تعالى عنه:(فإن كان ارتحاله بعد أن زاغت الشمس) أي: بعد دخول وقت الظهر (صلى الظهر ثم ركب) أي: لم يجمع إليها العصر.
إذاً: في حديث أنس: الجمع جمع تأخير، وليس فيه جمع تقديم.