وهنا اختلفوا في صلاة الجنازة على الميت في المسجد، فقالوا: كان يصلي عليها خارج المسجد، وهذا مصلى الجنائز معروف، والطريق الذي كان قبلي المسجد في المدينة سابقاً يسمى درب الجنائز، يعني: طرق مجيء الجنائز من أطراف المدينة، وتأتي إلى أن تأتي إلى الشرق وتأتي إلى المصلى -مصلى الجنائز الموجود حالياً- فهنا الناس منهم من يقول: لا يدخل الميت المسجد، وهناك من يقول: لا مانع من دخول الميت المسجد.
الذين منعوا الدخول، وأقسمت لهم عائشة، وبينت لهم فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليس عندهم حديث يمنع دخول الميت المسجد، ولكنهم يقولون قولاً مردوداً، يقولون: الموت يأتي بالنجاسة، وكل حي مات تنجس.
ويُرد عليهم بأن الإنسان مكرم، والمسلم لا ينجُس حياً أو ميتاً كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول (كنت أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذكرت أني جنب، فانخنست عنه فذهبت فاغتسلت ثم جئت فلحقت به، فقال: أين كنت؟ قال: كنت نجساً فاغتسلت، ففهم صلى الله عليه وسلم منه أنه أراد نجساً -يعني: جنباً- قال: يا أبا هريرة! إن المؤمن -المسلم- لا ينجس حياً ولا ميتاً) وعلى هذا قالوا: تعليل عدم دخول الميت المسجد للصلاة عليه بموته ونجاسته مرفوض، وهنا عائشة رضي الله عنها تأتينا بفعل رسول الله، فابني بيضاء ماتا في وقت واحد، وجيء بهما إلى المسجد وصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد.
أيضاً يذكر علماء الحديث بأن الصديق رضي الله تعالى عنه لما توفي صلى عليه عمر في المسجد، ولما توفي عمر رضي الله عنه صلي عليه في المسجد.
إذاً: الصلاة على الجنازة في المسجد عمل الجمهور، والله سبحانه وتعالى أعلم.