[أقوال العلماء في العدد الذي تنعقد به]
ويهمنا في هذا الحديث أن المؤلف رحمه الله وغيره يسوقونه للاستدلال على أن أقل ما تنعقد به الجمعة اثنا عشر شخصاً.
أما موضوع المسألة من حيث هي فكما يقول الشوكاني وابن حجر نفسه في فتح الباري وغيرهما: تعددت الأقوال والمذاهب فيها إلى نحو عشرين قولاً.
ولكن ينبغي التنبيه على ما هو الواجب في هذا المقام؛ لأننا وجدنا أقوالاً منها ما هو بين الأئمة الأربعة رحمهم الله، ومنها ما هو خارج عن كلام الأئمة الأربعة، ولولا ما حصل من الالتباس على بعض طلبة العلم في هذه القضية ما أوردنا كل التفصيلات فيها، ولكن سبق أن نبهنا على هذا الموضوع في تتمة أضواء البيان عند هذه الآية الكريمة.
يقول العلماء: اختلف الناس فيمن تنعقد بهم الجمعة، واختلفوا فيمن تسقط عنه.
أما بمن تنعقد فإن الجمهور يسقطونها عن المرأة، ويختلفون في العبد، ويتفقون في المريض، ويختلفون في المسافر، فهم أربعة أصناف: العبد والمرأة والمريض والمسافر، فالبحث في العدد خارج عن هذه الأصناف الأربعة؛ لأنها موضع خلاف.
فهناك من يقول: تصح بالواحد كصلاة الفرض؛ أي: كالصلوات الخمس.
ولولا وجود هذا القول ما كان للتنبيه عليه مكان، ولا يساوي الحبر الذي كتب به.
وهناك من يقول: تنعقد باثنين، كأقل ما تنعقد به الجماعة في الصلوات الخمس، وهذا يلحق بالذي قبله.
وهناك من يقول: تنعقد بثلاثة حتى قيل: المؤذن والإمام وشخص ثالث.
وهناك من قال: بثلاثة سوى الإمام ويقولون: قال تعالى: {إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [الجمعة:٩] ، والواو هنا للجماعة أو للجمع، وأقل الجمع ثلاثة.
وهناك من يقول: بأربعة.
وهناك من يقول: بعشرة.
وهناك من يقول: باثني عشر.
وهناك من يرجع إلى العدد الذي بقي في هذه الواقعة، وهو اثنا عشر، أو ثمانية، أو أربعة عشر.
وهناك من يقول: عشرون رجلاً ويعزونها رواية لـ مالك.
وهناك من يقول: أربعون رجلاً وهو مذهب الشافعي مصرحٌ به.
وهناك من يقول: ليس في انعقاد الجمعة ووجوبها عدد محدد، وإنما تجب على كل جماعة استوطنوا قرية، ويقومون بشئون أنفسهم، ويستطيعون الدفاع عن أنفسهم مما يرد عليهم من أعداء، وهذا هو القول الثالث عن مالك رحمه الله.