للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأوقات المنهي عن الصلاة فيها]

قال المؤلف: [وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس) متفق عليه، ولفظ مسلم: (لا صلاة بعد صلاة الفجر) ] .

هذان الوقتان من عدة أوقات نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها، وهي سبعة أوقات: الوقت الأول: ما بين الأذان والإقامة في صلاة الفجر، فلا يجوز للإنسان أن ينشئ صلاة من ذلك الوقت إلا ركعتي سنة الفجر، فلو أن إنساناً دخل المسجد بعد أذان الفجر، فإنه يصلي ركعتين سنة الصبح، ولا يحق له بعد صلاة هاتين الركعتين أن ينشئ تطوعاً حتى لو كان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي الصلاة فيه بألف صلاة، حتى ولو كان الإمام سيؤخر الإقامة مدة طويلة، فلا يقل أحد: أصلي ركعتين ركعتين إلى أن تقام الصلاة، فإن ذلك لا يجوز.

إذاً: الوقت الأول من أوقات النهي: ما بين الأذان والإقامة في الفجر إلا ركعتي الفجر أي: سنة الصبح.

الوقت الثاني: بعد الفراغ من صلاة الصبح إلى أول طلوع الشمس، فلا يصلي في هذا الوقت نافلة، إلا من فاتته سنة الفجر؛ فمن دخل المسجد والإمام يصلي الفجر، فإنه يدخل مع الإمام في الصلاة، ولا يفعل كما يفعل بعض الناس، فإن البعض إذا دخل والإمام يصلي أخذ وصلى سنة الصبح، ثم يدرك الإمام في الفريضة، وهذا هو ما يقول به بعض المذاهب، ويقولون: يجوز ذلك حتى لو فاتته ركعة أو جزء من الركعة الثانية، وهذا مخالف للسنة، فإذا دخل والإمام في الصلاة فإنه يدخل معه في الفريضة، وبعد أن يسلم الإمام يصلي السنة قبل أن تطلع الشمس.

فمن لم يصل سنة الصبح صلاها إن شاء بعد الصلاة قبل طلوع الشمس، وإن شاء أخرها إلى بعد طلوع الشمس.

إذاً: الوقت الثاني بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس إلا سنة الفجر لمن لم يدركها قبل الصلاة.

الوقت الثالث: حينما يبدو طرف الشمس الأعلى عند الشروق، فيمسك عن الصلاة حتى يكتمل القرص ويرتفع قدر رمح.

بمعنى: أنك ترى قرص الشمس مرتفعاً عن وجه الأرض بمقدار رمح، فيكون بين قرص الشمس والأرض قدر الرمح، وهو بمقدار قامة إنسان تقريباً، فإذا طلعت الشمس وارتفعت عن وجه الأرض قدر رمح فقد زالت الكراهة.

الوقت الرابع: حينما تستوي الشمس في كبد السماء حتى تزول، وبعضهم يقول: إلا يوم الجمعة، فإنه تجوز الصلاة في هذا الوقت، سواء كانت الفريضة أو النافلة، والفريضة على رأي الجمهور لا تصح إلا بعد تحقق الزوال، وقد حقق الإمام مالك رحمه الله ذلك في الموطأ بما لا مزيد عليه، ولكنهم أجازوا صلاة تحية المسجد للقادم يوم الجمعة سواء قبل أن يصعد الإمام أو بعد أن يصعد على المنبر ليخطب، فإذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، فإذا دخل عند استواء الشمس في كبد السماء يوم الجمعة فله أن يصلي، وأما عدا يوم الجمعة فلا.

الوقت الخامس: بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.

الوقت السادس: عند تضيف الشمس للغروب، ونزول قرنها الأدنى عن النظر، فينتظر حتى يتكامل غروب قرص الشمس.

الوقت السابع: لمن كان جالساً في المسجد يوم الجمعة، وجاء الإمام وصعد المنبر، فتمنع الصلاة حينئذٍ على من كان جالساً قبل صعود الإمام، أما القادم من الخارج بعد صعود الإمام أثناء الخطبة؛ فإن الأئمة الثلاثة يجيزون له الصلاة ومالك رحمه الله يكره له ذلك.

والأمر دائر بين ترجيح الإصغاء والإنصات للخطيب أو الاشتغال بصلاة تحية المسجد، وقد جاء في النص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب فرأى رجلاً دخل فجلس، فقطع الخطبة وقال له: (أصليت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم، فاركعهما، وتجوز فيهما) أي: اركعهما أداء لحق المسجد، وتجوز فيهما حتى لا تفوتك الخطبة.

فهذه هي الأوقات السبعة المنهي عن الصلاة فيها، ولكن أشدها نهياً وأوضحها هو ما بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وعند الغروب، وما بعد صلاة الصبح إلى شروق الشمس وأثناء الشروق، وكذلك حينما تكون الشمس في كبد السماء.