هل يظل الرجل على هذا الذكر طيلة حياته أم أن هذا أمر مؤقت إلى أن يتعلم سورة الفاتحة؟ يأتينا بعض الناس إلى المحكمة ليسلم من جنسيات متعددة، وبالكاد ينطق بالشهادتين، ولم يحفظ الفاتحة بعد، فنقول له: اذهب مع الناس الذين معك وصلِّ معهم ولو حتى تركع وتسجد بدون ذكر؛ ليرتبط مع جماعة المسلمين، واليوم يحفظ كلمة وغداً ثانية إلى أن يحفظ الفاتحة، ولو قال: لا إله إلا الله ومات في حينه يحكم له بالإسلام.
إذاً: لو أسلم إنسان ولم يحفظ شيئاً من كتاب الله نقول له: انطق بالشهادتين، ويجب أن ينطق بهما باللفظ العربي ولو لم يفهم المعنى، ثم بعد ذلك يذكر الله بما شاء بلسانه وبلغته إلى أن يتعلم الفاتحة، ومن هنا يقول الشافعي رحمه الله: تعلم العربية فرض عين على كل مسلم بما يصحح به صلاته: (الله أكبر، سمع الله لمن حمده، السلام عليكم، سورة الفاتحة) ومن نعم الله وآلائه ومن خصائص القرآن: تيسيره على الجميع، ولعلكم تجدون هذا جلياً في مسابقات حفظ القرآن عندما يأتي أفراد من العالم كله إلى مسابقات حفظ القرآن الكريم في مكة؛ فنجد أشخاصاً إذا قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وقرأ من أي سورة من القرآن أحسن قراءة من بعضنا، وإذا سألته عن كلمة واحدة مما قرأ لا يفهم معناها، سبحان الله!! إذاً: حفظ القرآن ميسر: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ}[القمر:١٧] ، والفهم من الله! إذاً: هذا من باب الإرفاق والتيسير في التعليم، وأخذ الجاهل بقدر ما يستطيع، وتدرج وبديل عما يمكن {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦] .
وهل يقول ذلك مرة واحدة في صلاته كلها أو في كل ركعة بدلاً من الفاتحة؟ بل في كل ركعة بدلاً من الفاتحة؛ لأنه تقدم لنا في حديث المسيء في صلاته في قراءة الفاتحة: أن كل ركعة صلاة بذاتها، أي: محسوبة صلاة، وفي الحديث:(ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) .
وقوله:(إني لا أحسن شيئاً من القرآن فعلمني ما يجزئني) الحديث، كلمة (الحديث) ، تعني: إلى تمام الحديث، كما تجد في بعض العبارات: كذا وكذا.
إلخ، يعني إلى آخره، فكلمة (الحديث) يعني هذا الخبر في حديثه بقية، ما هي تلك البقية؟ موجودة في الشرح.