الرابع: شركة الوجوه: وهي ليس فيها فلوس، وليس فيها رأس مال، لكن فيها وجاهة، فيها ثقة، فيها شخصية معروفة بالسوق، فيأتي اثنان معروفان لأصحاب الأسواق الذين يبيعون بالجملة، فيقول: تعال -يا أخي- نأخذ أتعابه ونتسبب ونربح، أنا آخذ على وجهي وجاهي عند التجار، وأنت أيضاً تأخذ على وجهك وجاهك عند التجار؛ لأن العملة الصعبة الحقيقية عند التجار هي صدق الكلمة، وما يروج في سوق التجارات عند الناس مثل الصدق والكلمة الصادقة الوفية، فإذا عرف التجار من إنسان الصدق والوفاء، فلو أراد كل ما عندهم لأعطوه، أما اللف والدوران فهي عملة مزيفة، تلف وتدور قليلاً ثم تدوخ وتطيح، ولم يبق لكلمته أي معنى ولو في عشرة ريال، ولو أعطوه شيئاً فهي مجاملة أو صدقة.
فإذا كان إنسان صادق الكلمة، وفيّ الوعد، أميناً في المعاملة، فجميع التجار يرغبون في التعامل معه، ولو تأخر عليهم الثمن شيئاً ما فلا مانع، فيأتي رجلان من هذا الصنف إلى التجار ويأخذان بضاعة منهم، ثم يبيعان ما أخذاه بجاههما من التجار، ثم يأخذان مرة أخرى ويبيعانه، وهكذا تسير شراكتهما على الوجاهة، ثم بعد هذا يؤديان الحقوق لأصحابها، ويقتسمان الربح على ما شرطاه، وإذا خسر فبقدر ما جمعه كل واحد منهما، هذا أخذ على جاهه عشرة آلاف، وهذا أخذ على جاهه عشرين ألفاً، فمن أخذ على جاهه شيئاً فهو ضامن له، فتكون الخسارة على قدر ما أخذاه، وكل منهما يسمى مدين بالتضامن، فكلاهما متضامن مع شريكه في تسديد الدين، فلو علم أصحاب السوق أنهما شريكان يأخذان على جاههما، ولحقهما دين؛ فلأصحاب السوق أن يطالبوا من شاءوا منهما؛ لأنهما مشتركين، فهذا شركة الوجوه.