وهنا ذكر المصنف بعض الروايات والطرق الكثيرة التي جاءت في هذا الحديث ومنها: الزيادة التي اختلف فيها: (إلا أن يشاء الورثة) اختلف في هذه الزيادة، ولكن أقرت عقلاً وشرعاً.
شرعاً بهذه الزيادة المقبولة الثابتة، وعقلاً بأن أصل الميراث هو حق للورثة، فإذا أوصى الميت لبعض الورثة ببعض المال فجاء الورثة الذين يستحقون كل المال وقالوا: لا مانع من أن ننفذ وصية مورثنا، ونحن نجيز هذا القدر الزائد علينا، تنفيذاً لوصيته، فيقولون: أصحاب الحق قد تنازلوا عن حقهم، وأقروا المورث في وصيته لواحد منهم.
إذاً: الحق لا يعدوهم، فإن أجازوا فقد أجازوا من حقهم، وإن منعوا فقد منعوا في حقهم؛ لأن لهم أن يمنعوا.
إذاً: لو أوصى الموصي لأحد الورثة بشيء زائد عن حصته فلا بأس إن أجاز الورثة، وبعضهم يناقش في هذه المسألة ويقول: ينظر لماذا نفل هذا الوارث دون بقية الورثة؟ وهل هناك موجب لذلك؟ وأكثرهم يتكلمون عما يكون من هذا بين الزوجين، فقد يوصي الزوج لزوجته بحصة من المال أو بشيء من المتاع، كما جاء عن بعض السلف أنهم كانوا يوصون: لا يكشف عما في غرفة فلانة من المال، أو لا تفتش، أو ولا تكلف، أو ولا تطالب، أو ما في غرفتها فهو لها -أي: زيادة عن ميراثها-.
والمالكية يقولون: ننظر كيف كانت المعاملة بين هذين الزوجين، فإن كان يحبها في حياته وكان يقدمها على غيرها فهذه وصية مضارة بغيرها، وتنفيل لها بدون موجب، وإن لم تكن له زوجة أخرى وكانت الحياة متبادلة فيما بينهما فلعل بينهما حقوقاً أراد أن يعوضها عن تلك الحقوق بهذا الزائد من مالها الفعلي في بيته.
وكذلك قالوا: إذا كان الوارث الذي وصي له بشيء زائد عن ميراثه في حالة فاقة، وفي حالة احتياج إلى مساعدة من إخوانه وشركائه في الميراث ولو لم يكن ميراث فإذا راعاه المورث وأوصى له بشيء، فلا مانع إذا أقرت الورثة هذه الوصية.
وهناك من يقول: لا وصية لوارث أجاز الورثة أو لم يجيزوا، وهذا مذهب الظاهرية، فإنهم منعوا الميت أن يوصي الوارث أياً كان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(لا وصية لوارث) ، ولم يجيزوا تلك الزيادة حتى ولو رضي بقية الورثة، قالوا: لأن الشرع قد أنهى الموضوع: (فلا وصية لوارث) ، فلا يحق لأحد أن يوصي لوارث بشيء، ولكن مذهب الجمهور: أن الوارث إذا كان له صفة قائمة به تستدعي التعاطف معه وأجاز ذلك الورثة فإن الوصية تصح له.