أي: وكان صلى الله عليه وسلم يستحب -وليس بواجب- أن يؤخر من العشاء، ولكن إذا كان المسجد له جماعة من المصلين ينتابونه من أماكن مختلفة، فينبغي على الإمام ألا يشق عليهم، إلا إذا كانوا أهل حي معين، وكانوا أفراداً مخصوصين، مثل أن يكونوا في بادية أو في منطقة أهلها قد اتفقوا فيما بينهم وتراضوا على أن يؤخروا العشاء؛ فلا مانع من ذلك؛ لأنه من حقهم، وقد رضوا بأن تؤخر العشاء.
ولكن المساجد العامة مثل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن، فإنه ينتابه الناس من الآفاق، وربما تأتيه النسوة وقد تركن الأطفال في البيوت، ووراءهن أعمال كثيرة من تحضير العشاء وغير ذلك، فلا ينبغي تأخيرها حينئذٍ، إنما يستحب تأخيرها لمن كان وحده ولا يتعلق به حق الآخر، أو لمن كانوا جماعة وتواطئوا على ذلك، فلا مانع من أن يؤخروها، إذا حصل الاتفاق بينهم.
أما المساجد العامة التي يأتيها عامة الناس وخواصهم، ويأتيها النساء والرجال، فلا ينبغي تأخيرها، بل تقديمها أول الوقت أنسب وأرفق لمصلحة العباد.