لو تفقدنا حالة الصلاة وكيفيتها نجد لكل ركن من أركان الصلاة هيئة: تكبيرة الإحرام وهي الدخول في الصلاة هيئتها رفع اليدين إلى المنكبين، ولو كبر سادلاً اليدين أخل بالهيئة في هذا الركن، وبعد تكبيرة الإحرام يأتي ركن القراءة باتفاق، ويضم يديه خلافاً لبعض المالكية، هيئة الركن الأول حركة اليدين للمنكبين، وهيئة الركن الثاني القراءة قائماً واليدان على الصدر، وهيئة الركوع اليدان مقبوضتان على الركبتين، وتكبيرة الانتقال فيها حركة اليدين إلى المنكبين، وبعد ركن القيام والاعتدال بعد الركوع نعيد اليدين إلى موضعهما، فيتشاكل هذا المنظر مع المنظر الأول، أو هيئة هذا الركن مع الذي قبله، أو نسدلهما ليفارق بينهما، وفي حركة السجود اليدان إلى الأرض، وفي الجلوس بين السجدتين اليدان على الفخذين.
إذاً: بقي حالة الرفع وحالة القيام، فإذا قبضنا بعد الرفع شاكلنا هذا الركن مع ركن القيام، وإذا سدلنا غايرنا وأعطينا كل ركن هيئته التي تميزه عن غيره، أرأيت لو أن إنساناً دخل المسجد وإمامه ممن يقبض في الموضعين، ودخل الداخل والناس قيام، ووجد اليدين على الصدر مع قيام الناس، أيخطر بباله أنه في القراءة أم قد رفع من الركوع؟ سيظن أنه في القراءة وينتظر الركوع، فهذا كبر ودخل وأخذ يقرأ على أن الإمام في القيام في الركوع، فإذا به يهوي إلى السجود، لكن إذا جاء ووجده واقفاً سادلاً يديه يعرف بأن الإمام في الرفع من الركوع.
على كل هذا القدر والموقف أطلنا فيه، لا لمناقشة صحة وضع اليدين بعد الرفع من الركوع وعدم الصحة، ولكن للنهي عن اتخاذ هذه الحالة موضع نزاع ونفرة بين طلبة العلم، والعامة ليس لهم دخل في هذا، فكل يفعل ما تيسر له أو اقتنع به، والعامة يقلدون غيرهم، إنسان تقول له: اسدل يديك! يقول لك: لا، رسالة عن الشيخ ابن باز يقول فيها كذا، الحمد لله، ولكن ليس عند العامة أي نظرة لتغليط الآخرين؛ لأنه يرى أن هذا صوابه، لكن طلبة العلم ربما يكون في نفوسهم نظرات إلى الآخرين؛ لأنهم يريدون من كل الناس أن يكونوا مثلهم، والآخرون أيضاً يريدونكم مثلهم، وهذا الذي حملنا على الإطالة في هذه الجزئية، وإن لم تكن ركناً في الصلاة؛ لأن سلامة الصدور والألفة والتقارب بين الجميع أهم من هذا كله، وبالله تعالى التوفيق.