وإلى هنا -أيها الإخوة- يكاد يكون إجماع الإجماع -يعني فوق الإجماع بإجماعٍ آخر- تعيين مكان قبره صلى الله عليه وسلم، ولذا يقال: لا يُعلم على سبيل الجزم على وجه الأرض قبرٌ معين بذاته سوى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وجميع الأنبياء وجميع الرسل لا يُعلم بالتحديد، قد يقال: هذا قبر الخليل، وهذا قبر يوسف، وهذا قبر فلان، وهذا قبر كذا، لكن على سبيل التعيين لا على سبيل اليقين، بخلاف قبره صلى الله عليه وسلم فهو على التحديد يقيناً في حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها.
ثم جاء الصديق رضي الله تعالى عنه، وجاء الفاروق رضي الله تعالى عنه وعُينت أيضاً مواقع القبرين الشريفين من قبره صلى الله عليه وسلم، من أن قبر أبي بكر خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وينزل إلى جهة الشرق بحيث يكون رأس أبي بكر عند كتف النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء عمر وراء أبي بكر ووضع رأس عمر تحت كتف أبي بكر بقليل.
وضعوا بهذا الترتيب حتى لا يكونوا على قدم المساواة، وبهذا تتعين هذه القبور الثلاثة يقيناً جزماً بدون أي ريبٍ ولا شك.