ثم جاء عهد عمر رضي الله تعالى عنه، فخرج ذات ليلة ووجد الناس يصلون أوزاعاً، فقال: لو جمعت الناس على إمام واحد لكان خيراً، ثم استدعى القراء، واستقرأهم، فكان منهم البطيء ومنهم السريع، فأمر البطيء بأن يقرأ بخمس وعشرين آية في الركعة، والسريع أن يقرأ ثلاثين آية في الركعة، وأمرهم بصلاة عشرين ركعة.
فكان في عهد أبي بكر تطويل في القيام حتى وصل إلا الاتكاء على العصي، وفي عهد عمر يشق على الناس الاستمرار في ذلك، وهو الذي يقول في صلاة الفريضة:(لا تبغضوا الله إلى خلقه، يقوم أحدكم في الصلاة فيطول؛ فيمل الناس؛ فيكرهون) ، هكذا يقول رضي الله تعالى عنه.
إذاً: ليس من هديه إطالة القراءة وطول القيام حتى يمل الناس، فعوض طول القراءة بأن جعل القراءة ثلاثين أو خمساً وعشرين آية في الركعة الواحدة، وأمرهم أن يصلوا عشرين ركعة.
وهناك نصوص جاءت عن أبي بن كعب وغيره أنها: ثمان ركعات عشر ركعات بدون تحديد، وهذا قد انقضى أمره، فلما جاء عمر وجمعهم على إمام واحد، جعل إمامين للرجال يتناوبان، وإماماً للنساء، وفي عهد أبي بكر تقول عائشة رضي الله تعالى عنها:(كنا نأخذ الصبية من الكتاب يصلون بنا قيام رمضان، ونصنع لهم القلية) ، وهي نوع من الطعام.
إذاً: كان هناك تغيير، ومعلوم أن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها لم تأخذ الصبيان وتجعلهم أئمة للنسوة في المسجد، فبيتها أولى بهذا، ولأن في زمن عمر جعل إماماً للنساء يعجل بهن الصلاة؛ ليرجعن إلى بيوتهن، وإماماً للرجال يتناوب مع زميله للرجال على نحو ما تقدم من قراءة ثلاثين أو خمس وعشرين آية.