إذاً: أفضل الصلاة بعد الفريضة -يعني: أفضل النوافل- صلاة الليل، وعندنا حديث أنه ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تحرياً لصلاة بعد الفريضة من سنة الفجر والوتر، فهل تكون صلاة ركعتي الفجر آكد من صلاة الليل؟ الآكد شيء، والفرضية شيء، والفضيلة شيء، فكما قالوا: الخصوصية لا تقتضي التفضيل، فمثلاً: زيد بن ثابت قال فيه رسول الله عليه وسلم: (أفرضكم زيد) ومعاذ بن جبل أعلمهم بالحلال والحرام، أبو عبيدة أمين هذه الأمة، هذه خصائص لأشخاص وأفراد، فهل تخصيصهم بهذه الخصائص فضلهم على أبي بكر وعمر؟ ما فضلوا عليهم.
فهنا خصيصة صلاة الليل تبعد عن صلاة النهار، وليس معنى ذلك أنها أفضل مما أكد عليه صلى الله عليه وسلم، أو يقال: هذه سنة راتبة مرتبطة بفريضة فهي تدعو إليها، أما قيام الليل فليس براتب، وليس مربوطاً بفريضة، إنما هو عبادة مستقلة؛ ولهذا عظم شأنها، وفضلت في الأجر على غيرها، والله تعالى أعلم.