نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتقدم رمضان بصوم، ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم اليوم الذي يشك فيه، فمتى نصوم؟ هنا نذكر منهج الإسلام في بيان التوقيت لكل عبادة مؤقتة، العبادات المؤقتة بالنص هي الصلوات الخمس، وشهر رمضان، والحج، والعمرة لا توقيت فيها، ولكن جاء توقيت فيها بالمنع: فتمنع العمرة للحاج في يوم عيد الأضحى، وفي يومين من أوائل أيام التشريق باتفاق، والخلاف في ثالث أيام التشريق، والمانعون يقولون: هذا اليوم ثالث أيام التشريق، والحاج مشغول فيه برمي الجمار.
وبعضهم توسط وقال: إن هو قد رمى وانتهى وتعجل فلا مانع، والمانعون يقولون: لا، وإن تعجل فقد تأخر غيره، فهو يوم محسوب للرمي، فلا يعتمر في ذلك اليوم، أما ما عدا ذلك فالسنة كلها وقت للعمرة، سواء تكررت على رأي المالكية أو لم تتكرر، إذاً: العمرة لا وقت لها.
والحج -كما أخبر الله- سبحانه أشهر معلومات، ومن هنا نتأمل علامات التوقيت، فنجد أن المولى سبحانه ربط المفروض بالتوقيت بعلامات كونية يستوي فيها العامي والمتعلم، بل إن البدوي أعرف بها من الحضري؛ لأنها ألصق بها في حياته، أما رمضان فجعل الله سبحانه وتعالى لثبوته الهلال، والهلال أمر كوني يظهر في كبد السماء، ويراه القاصي والداني، فكل من أعطاه الله نعمة البصر يراه، والأعراب أقدر على رؤيته من الحضر؛ لأن أهل الحضر قد تحجبهم عن رؤيته أنوار الأجهزة الحديثة، أما الأعرابي فإذا غربت الشمس فليس عنده مصابيح كهربائية ولا غيرها، فتستمتع عينه بظلام الليل، وذلك أقوى لها؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم:(صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته) ، على ما سيأتي تفصيل الكلام في الرؤية وغيرها.