هذا الجزء من الحديث شروع في كيفية الصلاة، فقد عرفنا أن التكبيرات أربع، لكن ماذا يفعل في التكبيرات الأربع؟ بدأ المؤلف في بيان ذلك فقال: في حديث جابر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على جنائزنا أربعاً، ويقرأ بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى) مسألتان: الأولى: أنه يقرأ بفاتحة الكتاب، والثانية: أن ذلك في التكبيرة الأولى.
لأن بعض الناس قد يقول: التكبيرات الأربع تعادل الركعات الأربع في الصلاة الرباعية، فيتوهم بأنه يقرأ في كل تكبيرة فاتحة الكتاب.
فـ جابر بيَّن لنا أنه تقرأ فاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى، أما التكبيرات التي بعدها فسيأتي الكلام عما يقال فيها.
فمسألة قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة مسألة مستقلة.
ربما نجد من يقول لا قراءة في صلاة الجنائز؛ لأنها عبارة عن دعاء، وربما يستدلون بما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه كان ماراً بالمسجد فرأى جنازة في الداخل، فتيمم عند باب المسجد ودخل وصلى، قالوا: كيف تتيمم والماء موجود، أي: ليس هذا محل تيمم؛ لأن الله تعالى قال:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}[المائدة:٦] ، والماء موجود، قال: إنما هي دعاء، فقالوا: تساهل في ترك الوضوء واكتفى بالتيمم، على أن الصلاة على الميت دعاء، إذاً: فلماذا الفاتحة؟ إذاً القول الأول: أن صلاة الجنازة لا فاتحة فيها.
والجمهور ومنهم الأئمة الأربعة: على أن صلاة الجنازة فيها فاتحة.
تأتي مسألة ثانية: فاتحة الكتاب في الصلوات الخمس معها سورة صغيرة أو آية، فهل فاتحة الجنازة معها كذلك أو يقتصر على الفاتحة.
نجد البعض يقول وهو الجمهور: يقتصر على الفاتحة فقط، ولا يؤتى حتى بدعاء الاستفتاح، ولا يؤتى بسورة معها ولا بآية؛ لأن أمر الجنائز مبنيٌّ على الإسراع، فلا يلائمها تطويل القراءة، فقالوا: يقرأ الفاتحة فقط، تنجيزاً لأمر الميت، والإسراع به إلى مقره.
إذاً الجمهور على أن فيها قراءة، والقول بعدم القراءة مردود؛ لأن حديث جابر يقول:(ويقرأ بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى) وجاء عن ابن عباس (أنه قرأ الفاتحة وجهر) وبعضهم يزيد: الفاتحة وسورة وجهر، ثم قال:(ليعلموا أنها سنة) ولكن الصحيح: أنه جهر أو رفع الصوت بالفاتحة، ليعلم من خلفه في الصلاة على الجنازة بأن السنة قراءة الفاتحة.