ثم بعد ذلك صلى الظهر وأحرم ولبى قيل من مجلسه الذي صلى فيه، وقيل: بعد أن انبعثت به راحلته، وقيل: حينما استوى على البيداء، كما في حديث جابر هنا:(أتى إلى ذي الحليفة، فلما أتى البيداء أهلّ) .
والإهلال هو: رفع الصوت بالتلبية، وهو مأخوذ من الهلال، وهو القمر في أول ظهوره، لأنهم كانوا إذا أهل الشهر وطلع الهلال ورأوه رفعوا أصواتهم إعلاماً بوجود الهلال وبدخول الشهر الجديد، فصار الإهلال مأخوذاً من رفع الصوت بالتلبية، ثم صار يطلق على كل من رفع صوته، يقال: هلل أي: رفع صوته بما يتكلم به، فأهل بمعنى رفع صوته بالتلبية.
وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها الذي في صفة الإحرام قالت:(منا من أهل بحج، ومنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة معاً) وفي بعض روايات حديث جابر هنا: يقول صلى الله عليه وسلم: (أتاني آت البارحة -يعني: في الليل- وقال: صل بهذا الوادي المبارك) ولذا يقال له: الوادي العتيق، والوادي المبارك، وقد نزله كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى وبات فيه كما تقدم، ثم أهل ووبيص المسك يظهر في مفرق رأسه، كما جاء عن عائشة قالت:(كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، قيل: بم كنت تطيبينه؟ قالت: بأطيب الطيب) ، وتقول:(وكنت أرى وبيص المسك في مفرق رأسه صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثة أيام) ، أي: بعد ثلاثة أيام من إحرامه.