قال عليه الصلاة والسلام:(ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) ، وذلك بعد أن تكبر، وجاء الوصف برفع اليدين في نص آخر مصاحباً لها، (ثم) كما يقولون: للترتيب والتراخي، ولكنها هنا للترتيب، استقبل القبلة أولاً، ثم كبر، ولا تكبر وأنت على الشرق ثم تستقبل القبلة، أولاً استقبل القبلة، ثم يترتب على الاستقبال التكبير، ثم بعد التكبير القراءة، فتكون القراءة بعد أن يستوفي استقبال القبلة والتكبير.
(ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) ، وجاء في بعض الروايات:(إن كانت الفاتحة معك تقرؤها، ثم ما تيسر من القرآن) ، وهنا ما تيسر، والله سبحانه وتعالى يقول:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر:١٧] ، فالقرآن كله ميسر، ولكن التيسير نسبي، فشخص يسر الله له حفظ القرآن كله، وأنت تمكث مدة حتى تحفظ الفاتحة، ما تيسر لك، وما استطعت أخذه وحفظه، وبعض العلماء يقول: أيسر المتيسر في القرآن الفاتحة، وبعضهم يقول: الفاتحة مفروغ منها، ولكن ما تيسر معك بعد الفاتحة، والنص هنا بعد التكبيرة مباشرة، على الترتيب:(اقرأ ما تيسر معك) .
فنقول: إن كان حافظاً للفاتحة فهي المتيسر، وهي المقدمة، وإذا لم يكن يحفظ الفاتحة ويحفظ غيرها مثل:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}[الكوثر:١-٣] ، فهل يقرأ بها أم لا؟ نعم، إذا لم يكن يحفظ الفاتحة، وقرأ سورة غيرها من سور القرآن فتجزئه، فإذا لم يكن حافظاً للفاتحة ولا غيرها من سور القرآن القصيرة، فماذا يفعل ولابد من ذكر هنا؟ إذا لم يكن يحفظ شيئاً من القرآن فليحمد الله ويسبحه ويهلله ويكبره، هذا عندما يذكر المؤلف تلك الروايات، فهنا العمل مسترسل، استقبل وكبر واقرأ ما تيسر معك من القرآن.
في الحج ما ما استيسر من الهدي وهو شاة، وهنا ما تيسر من القراءة وهي الفاتحة؛ ولهذا يقول الشافعي رحمه الله: إن حفظ الفاتحة فرض عين على كل إنسان، فإلى أن يتعلمها لا يقول: أنا لا أعرف ولا أحفظ ويسكت، فإلى أن يتعلمها يأتي وينتقل إلى التسبيح والتحميد كما سيأتي.