هل صلاة الإمام مرتبطة بصلاة المأموم أم أن كلاً منهما صلاته مستقلة؟
ابن عبد البر يتساءل في التمهيد: هل صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام صحة وبطلاناً، أم أن كلاً منهما صلاته مستقلة عن الآخر؟ رجح أن كلاً منهما صلاته مستقلة عن الآخر؛ بدليل: أن الإمام لو نابه شيء في الإمامة، وخرج من الصلاة فالمأمومون لا شيء عليهم، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه:(كبر في صلاة من الصلوات، ثم أشار إليهم بيده أن امكثوا فذهب ثم رجع وعلى رأسه أثر الماء) .
أي: اغتسل- فعندما كبر كأنه كان قد وجب عليه غسل ونسي، وتذكر وكان الناس قد كبروا وراءه، فلما تبين أن تكبيرته التي وقعت واقتدى به الناس فيها غير صحيحة؛ ما بطلت تكبيرات المأمومين، وقال: مكانكم.
وبقوا على تكبيرة الإحرام السابقة قياماً حتى دخل فاغتسل فجاء وكبر لنفسه وأتم الصلاة.
إذاً: صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الإمام في الطهارة صحة وبطلاناً.
وهذا لا يخلو من خلاف عند العلماء كما نعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم:(الماء من الماء) وفي رواية أخرى: (إنما الماء من الماء) ، وبعضهم يقول: من أدوات الحصر تعريف الطرفين بأداة التعريف أل، وتعريف الطرفين يدل على الحصر، تقول: الشاعر زيد، فالمبتدأ المحلى بأل معرف، والخبر علم معرف، ومن أدوات الحصر، تقديم ما حقه التأخير، مثل قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] أصلها: نعبدك ونستعينك، فكاف الخطاب قدم وجيء معه (بإيا) لينطق بالكاف معه؛ لأنه لا ينطق به وحده، فلما قدم ما حقه التأخير بعد الفعل دل على الحصر:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[الفاتحة:٥] لا نعبد سواك، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] لا نستعين بغيرك وهكذا، فيتفق الأسلوب الأول مع الثاني إلا أنهم يقولون: أشد أدوات الحصر (إنما) لأنها بذاتها أداة مستقلة، وكذلك النفي والإثبات مثل: لا شاعر إلا زيد.
(لا) هذا نفي، و (إلا) إثبات، وهي أقوى من (إنما) لأنها جاءت في (لا إله إلا الله) فلا إله: نفي لجميع الآلهة، وإلا الله: إثبات للمولى سبحانه وتعالى.
إذاً:{الماء من الماء} ، كان في أول الزمن رخصة، والمعنى: لا ماء -غسل- من جماع دون إنزال، ثم عزم عليهم وأصبح الحديث خاصاً بالاحتلام إذا خرج الماء، والله تعالى أعلم.