قوله:(فتصدق بها في الفقراء) ، الفقراء ليسوا مخصوصين بأشخاصهم، ولكنهم طائفة يعرفون بصفاتهم، والفقير هو الذي لا يجد ما ينفقه، بخلاف المسكين فهو يجد أقل ما ينفق، فكسبه أقل مما يحتاجه في النفقة، فكسبه لا يكفي حاجته، وقالوا: إن المسكين أحسن حالاً من الفقير، وقالوا: إن الفقير مأخوذ من فقار الظهر، وبالعمود الفقري يتحرك الإنسان، فإذا تعطلت فقرة من فقار العمود الفقري في الإنسان فإنه لا يستطيع أن يحرك شيئاً من جسمه، ويكون ملازماً للأرض ساكناً لا حركة عنده، بخلاف المسكين فهو ساكن، وفرق بين من أخلد إلى الأرض كرهاً ومن سكن اختياراً؛ ولذا جاء في حق المساكين:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}[الكهف:٧٩] ، فهم مساكين ومعهم سفينة، والسفينة مال، فمن كان عنده سيارة كبيرة يعمل عليها، وما عنده غيرها، قد يكون فقيراً، وأما الفقير فليس عنده شيء، حتى ولا كرسي.
فالصنف الأول للفقراء، وإذا وقف للفقراء، وكان للموقف قرابة أو أبناء اتصفوا بالفقر، فإنهم يستحقون من الوقف مع الفقراء؛ بوصفهم بالفقر لا بكونهم أبناء الموقف، ومن استغنى منهم لا يعطى من الوقف.