إذا جاءت الجائحة وأتلفت الثمرة المبيعة بعد بدو الصلاح على الوجه الشرعي، فهذه الثمرة التي أتلفتها جائحة سماوية على من يكون الضمان؟ الحديث هنا يقول، للبائع: فلا يأخذ من ماله شيئاً لماذا؟ لأن ضمان الثمرة ما دامت على الشجرة على البائع.
وهنا يقع الخلاف، ونجد القلة من العلماء من يقول: البائع لا يتحمل أي شيء، وإنما عوض هذا المثال وتلفه وضمانه على المشتري؛ لأن البائع باع ما تحت يده، وخلى بينه وبين المشتري، فهو في عهدة المشتري، إن سلم سلم له، وإن تلف تلف عليه.
يمكن أن يقول إنسان: هذا مقتضى العقل والقياس، ولكن تخلية البائع للمشتري بينه وبين الثمرة ليست تخلية كاملة، بل هي متعلقة ببقائها، ومن هنا كان الحديث صريحاً صحيحاً ولا يحتمل الاجتهاد عند من يعمل اجتهاده، وكما قيل: لا اجتهاد مع النص، والحديث في آخره يقول:(بأي حق يأكل مال أخيه) ، أنت بعت الثمرة بألف ريال، والمشتري دفع الألف، وبعد لحظات، أو أيام، أو أسابيع، وبعد أن اشترى منك في أوائل بدو الصلاح، وبعد أن اكتمل الصلاح، وأراد أن يستثمر ما اشتراه، ويجني الثمرة؛ فإذا بجائحة تتلف الثمرة عليه، أين المبيع؟ لكأن البائع لم يسلم المشتري عين ما باعه عليه، إذاً: من أول بدو صلاحها إلى أن ينضج ويكتمل صلاحها، إلى أن يستنفد المشتري ثمرته هي في ضمان البائع، والحديث صريح، ولا ينبغي الاجتهاد في معارضة النص، والجمهور على أن: ضمان الثمرة هذه التي ما بيعت إلا بعد بدو الصلاح، وتلفت بآفة عامة سماوية، وليس من صنع أحد؛ فإنها من ضمان البائع.
أما إذا كان ذلك بصنع أحد بأن جاء وأطلق عليها الماء في الليل وزاد إلى أن أفسدها، أو جاء وكانت ثمرة أخرى دون النخيل، أو النخيل ليس مرتفعاً بكثرة؛ وجاء وأطلق فيها إبله أو بقره فأتلفت الثمرة، إذاً: يكون هناك متعدٍ، والمتعدي ضامن، فيكون ضمانها على من تعدى.
إذاً: الكلام في الجوائح العامة السماوية التي لا دخل لأحد فيها.