قال: سألت رافع عن إجارة الأرض بالذهب والفضة -يعني: بالنقد-.
قال: لا بأس.
وهنا يتحقق الشرط عند الفقهاء، وهو شرط لصحة عقد الإجارة، وهو معرفة المنفعة المطلوبة، وقيمة الأجرة المطلوبة في هذه المنفعة فتكون الأجرة معروفة محددة بدينار أو بعشرة دراهم، أو بعشرين درهماً؛ فإذا كانت الأجرة معلومة والمنفعة المطلوب استيفاؤها معلومة، فلا بأس بذلك.
وهنا أيضاً يقال لمن منعوا المساقاة: الذي يدفع الذهب والفضة في أرض بيضاء، هل يعلم كم سيحصل له من زراعة الأرض؟ لا يعلم، فكيف صححتم عقد الإجارة والمستأجر يدفع المال ولا يعلم ماذا سيحصل عليه؟ كما أن المساقاة عقد غرس قائم، وبحكم العادة ومرور السنين نجد النخل كل سنة ينمو.
إذاً: عقد المساقاة أضمن من عقد الإجارة؛ لأن المساقاة في أقل الأحوال الأصول موجودة، والثمار فرع عنها، بخلاف الأرض فهي أرض بيضاء؛ ستحرث ويوضع فيها الحب ويدفن ويسقى الماء ثم على بركة الله، فصاحب النخل أضمن لأجرته من صاحب الأرض البيضاء.
فأجاز رافع إجارة الأرض بالذهب والفضة، يعني النقد.
فلو جاء بسبيكة ذهب أو فضة لا ندري كم وزنها، ولا قيمتها لم يصح العقد؛ لأنه ربما يطرأ على العقد ما يوجب فسخه، وتصبح الأرض غير مستحقة أو يمنع منها، فيأتي المؤجر ويمنع المستأجر من العمل ويفسخ العقد، مع أن الإجارة عقد لازم، فماذا يكون الحل، نرجع للسبيكة فلا ندري كم وزنها، إذاً لابد من معرفة أجرة الأرض.
ومثله لو قال: استأجرها بحفنة من الدراهم، أو بكيس من الدنانير، وهو لا يعلم كم فيه، لم تصح الإجارة.