للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أولى الناس بتغسيل الميت]

من أولى الناس بتغسيل الميت: نجد هناك من يقول: إن كان قد أوصى بأن يغسله شخصٌ بعينه لا مانع، والفكرة العامة أن يكون أولى الناس به آمنهم وأتقاهم؛ لأن الميت بين يديه أمانة، وقد يوجد من الميت ما لا يحب الميت لو كان حياً أن يرى منه، فينبغي على من يغسل الميت أن يكون أميناً لا يفشي سر الميت، وهذا لا يكون إلا ممن كان أولى الناس به.

ومن الناحية التكليفية، أو ناحية الجواز قالوا: أولى الناس بتغسيل الميت الزوجان أحدهما للآخر، الزوج يغسل زوجته، والزوجة تغسل زوجها، على خلاف عند الأحناف، وأما الحنابلة فقالوا: هو يغسلها وهي لا تغسله؛ لأنها لو قدر بأنها في الحياة وفارقها فإنها في العدة، وفي العدة تكون تابعة للزوجية، والآخرون قالوا: العكس، والأحناف قالوا: إنه بالموت انقطعت الصلة، وأجابوا عن ذلك بأجوبة نقلية وعقلية.

أما انقطاع الصلة فليس بصحيح؛ لأن الميراث عقب الوفاة بصلة الزوجية، ولأنه جاء عنه صلى الله عليه وسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (رجع النبي صلى الله عليه وسلم من جنازة بالبقيع فمر عليَّ فقلت: وارأساه، قال: بل أنا يا عائشة وارأساه، وماذا عليكِ لو مت قبلي فقمتُ عليكِ فغسلتكِ وكفنتكِ وصليتُ عليكِ ودفنتكِ) فهذا نصٌ صحيح صريح في أنه صلى الله عليه وسلم يغسل زوجه، وجاء عنها رضي الله تعالى عنها قالت: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله إلا نساؤه) .

وجاء عن أسماء بنت عميس زوج أبي بكر رضي الله تعالى عنهما لما توفي وغسلته هي وخرجت على الناس في يومٍ شديد البرد فقالت: (ماذا ترون، هل عليَّ من غسلٍ وقد غسلت أبا بكر؟ قالوا: لا.

ليس بواجبٍ عليكِ) وقد جاء في ذلك حديث متكلم فيه: (من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ) فـ أسماء أخبرت بأنها غسلت زوجها، وهذه أم المؤمنين تقول: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله إلا زوجاته) وهو صلى الله عليه وسلم يقول لـ عائشة (وماذا عليكِ لو متِ قبلي وقمتُ عليكِ فغسلتكِ وكفنتكِ وصليتُ عليكِ) فهذا منه صلى الله عليه وسلم لزوجه.

إذاً: غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتولى غسله خواص آل بيته.

ابنا عمه علي رضي الله تعالى عنه، والفضل، وأسامة حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه، والعباس عمه كان حاضراً، ولهذا قالوا: يغسل الميت أولى الناس به، وإذا لم يكن من أهل الميت من يحسن تغسيل الميت؛ لأنه في بعض البلاد لا تجد في القرية بكاملها من يحسن تغسيل الميت إلا شخصاً واحداً أو شخصين، والبقية لو مات عندهم ميت لا يعرفون كيف يغسلونه، وهذه من المشاكل.

إذاً: يتعين على كل مسلم ما دام أنه واجب كفائي أن يتعلم تغسيل الميت؛ لأنه قد يصادف أنك تجد ميتاً فيكون متعين عليك أنت غسله، أو كان هناك ميت ولا أحد يحسن التغسيل، فكن أنت متعلماً عارفاً، وعلى هذا سيأتي بيان كيفية تغسيل الميت في تغسيل ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.