الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، البر بالبر لا بد أن يكون مثلاً بمثل، وهل عرفنا المثلية في الصبرة؟ لا، نحن عرفناها في الخمسين لكن هل عرفناها في الصبرة؟ لا، إذاً: الجهل بالتساوي كالعلم بالزيادة، كأننا بعنا الصبرة وعرفنا أنها ستون صاعاً، وبعناها بخمسين، لو أن صاحبها كالها ستين صاعاً، وصارت معلومة عنده، ثم جاء المشتري وقال: أشتريها بخمسين، قال: بعتك، فنكون قد علمنا بالزيادة، والزيادة في الجنس الواحد تكون رباً.
إذاً: الجهل بالتساوي كالعلم بالزيادة.
لو جاء وقال: أنا عندي صبرة هناك عند ذاك الباب، وأنت عندك صبرة هناك عند ذاك الباب، وأنا محلي هناك قريب من صبرتك، وأنت محلك هناك قريب صبرتي، فأشتري صبرتك بصبرتي لتنقلها إلى محلك بسهولة، وأنقل صبرتي إلى محلي بسهولة، فما حكم بيع صبرة بصبرة، ولا يوجد تحديد بالثمن؟ لا ندري كم صبرتك، ولا كم صبرتي، إن كانت معلومة الكيل، هذه خمسون صاعاً، فيجوز، ولا توجد زيادة، حصل بيع الجنس بجنسه متساوياً يداً بيد، لكن إذا كنت أنا لا أعلم مقدار صبرتي، وأنت لا تعلم مقدار صبرتك؛ فحينئذٍ لا يجوز إلا إذا كان كيلاً بكيل حتى تتحقق المساواة والمماثلة.
ولو كانت الصبرة موجودة، وصاحب الدراهم جاء وقال: يا صاحب الصبرة! بكم تبيعها؟ قال له: بمائة ريال، قال اشتريت، فعندما جاء يعبئ الصبرة في الأكياس وجد الصبرة مكومة على صخرة، ماذا تقولون؟ تكويمها على الصخرة تدليس، فهي صبرة إلا ربع، فالصخرة زادت في حجم الصبرة، وأنا اشتريت حباً ما اشتريت صخرة، فماذا يفعل المشتري؟ ما دام أن البيع بالدراهم فهي الواسطة، والزيادة والنقصان لا دخل لها هنا، لكن وجدت صورة تدليس؛ لأن كومها على صخرة، أو كانت الأرض غير متساوية، كل الأرض معتدلة إلا عند هذا المحل يوجد محل ناتئ كوم عليه الصبرة.
إذاً: إذا كان يباع المبيع بجنسه فلا بد من معرفة المقدار في الجانبين، أما إذا كان البيع بالدراهم فالجهالة لا تضر، قال: بكم الكيس؟ قال: الكيس بعشرة، قال: كم فيه؟ قال: والله! أحياناً عشرة صاعات، وأحياناً تسعة ونصف، زاد أو نقص لا يضر؛ لأن المقابل هنا الدراهم، وليس بين الدراهم والمطعومات ربا.