ما أعد للقنية فلا زكاة فيه، وما أعد للتجارة ففيه الزكاة ولو عقاراً
وأجمعوا على أن ما اشتري للقنية ولو كان كثيراً فلا زكاة فيه، فمثلاً: إنسان اشترى مائة كيس ووضعها في البيت، ولديه أولاد وعوائل يأخذون منها السنة والسنتين، فلا زكاة في هذه، وإن كان أخذ عشرة أكياس ووضعها في دكان من أجل أن يبيع فيها ويشتري بأثمانها غيرها، يقصد بذلك الربح والبيع والشراء فإن فيها الزكاة.
وأجمعوا على أن كل ما اتخذ للتبادل التجاري بقصد النماء وهو الربح وإن احتمل الخسارة أنه زكوي، أي: من عروض التجارة، سواء كان ذلك من الأراضي البيضاء كأن يتاجر مثلاً في عقار مخطط، فيشتري قطعتين أو ثلاثاً من أجل أن يبيعها فيما بعد عندما ينتهي الحراج، وتنتهي القطع الموجودة وتبدأ الرغبات، فيبيع بما فيه ربح، أو كان من عمائر، كأن اشترى عمارة لا ليسكنها ولا ليؤجرها، ولكن وجدها رخيصة وعلم بأن العمائر والعقار سترتفع أثمانها فاشترى عمارة أو عمائر من أجل أن يبيعها، وسواء كان المالك شخصاً واحداً أو كانوا جماعة اشتركوا في الأرض أو في العمارة؛ ففيه الزكاة.
أما إذا اشترى الأرض لنفسه؛ أو ليعطي فيما بعد كل واحد من أولاده قطعة، أو تركها للزمن، حتى إذا احتاج باعها أو عمرها فهذه التي للقنية وللتعمير لا زكاة فيها، والتي للتجارة فيها الزكاة، وإذا اشترى العمارة لا للبيع ولا للشراء، ولكن للاستثمار، كأن يؤجر شققاً ويأخذ أجرتها، وليس عنده نية بيع العمارة بذاتها، ومن بعده يرثه أولاده ويستفيدون من إيجار شققها كمورد رزق لهم، فهذه لا زكاة فيها، وإنما ينظر إلى الأجرة التي تأتيه على حسب رصد البلد، إن كانت تؤخذ الأجرة في أول السنة، أو تؤخذ في آخر السنة، فمطلق أجرة العمارة أو أجرة الأرض، تدخل في الكسب وتكون من نوع زكاة الأموال غير التجارية.
إذاً: الأعيان التجارية سواء كانت أرضاً بيضاء أو عمائر، أو سيارات، أو بواخر، أو طائرات، أو من المواد الغذائية، من الملح إلى العسل، كل ذلك إذا أخذه ليبيع ويشتري فإنه عروض تجارة، فلو اتخذ غنماً للبيع والشراء، كهؤلاء الذين يتاجرون بها من خارج المملكة، الذين لا يأتون بها للقنية والحليب والنسل والزيادة، وإنما يأتون بها ليكتسبون بأثمانها، فهذه عروض تجارة، فلا تزكى على عدد الأربعين شاة على أنها بهيمة أنعام بشرط السوم وحولان الحول، بل تزكى على أنها عروض تجارة فتزكى قيمتها، لأنها ليست مقصورة للقنية والنماء والنسل، ولكنها جلبت لتكون عروض تجارة، وكما تقدم أنه لا ثنائية في الزكاة، فلا يؤخذ منها الزكاة باعتبارين: اعتبار القنية، واعتبار التجارة.
وكذلك الإبل والبقر إذا جلبها ليبيعها فإنها تعتبر عروض تجارة، فلا تزكى زكاة بهيمة الأنعام، حتى قالوا: لو تاجر في التراب، وقد يكون التراب موضع بيع وشراء، وقد يصنع تراباً مثل الإسمنت، والجبس، والجص؛ فهذا أيضاً إذا عد للتجارة، كأن اتخذ المصنع واكتسب من ورائه، فهذه عروض تجارة.
إذاً: عروض التجارة بدون استثناء كل ما أعد للبيع والشراء بقصد الربح.