إذا واقع أهله ناسياً؟ تقدم في الأكل والشرب (إنما أطعمه الله وسقاه) ، فإذا جامع زوجته ناسياً وهي أيضاً ناسية أو متناسية، فهل تلحقه الكفارة للفعل أو لا تلحقه للنسيان؟ نرجع إلى تحقيق المناط: هل يمكن أن ينسى مثل هذا؟ يعني: هل يتصور أن إنساناً في رمضان ينسى بأنه صائم ويواقع أهله؟ فمن قال: يمكن ذلك، فلا شيء عليه بسبب النسيان.
ومن نفى ذلك وقال: هذا مستحيل فوقائع الحال تشهد أنه مستحيل على إنسان يكون في رمضان صائماً، ثم في ضحى النهار ينسى أنه صائم ويواقع أهله! فإذا نسي هو وزوجته أو توطآ على النسيان؟ قالوا: إن أمكن أن يقع بالنسيان فلا مانع، كما قالوا في المكره: لو أكره على وقاع أهله، هل عليه كفارة؟ أو أكره الزوج زوجته فهل عليها كفارة؟ فمن تصور إمكان وقوع ذلك بالإكراه قال: لا شيء عليه؛ لأنه مكره (وما استكرهوا عليه) ، ومن استبعد أن يكون الإكراه في هذا الفعل قال: عليه كفارة، كما قال ابن تيمية رحمه الله وغيره: هذا الفعل لا يتأتى إلا بالاختيار، فإذا كان مكرهاً فليست عنده الصلاحية لأن يباشر هذا العمل.
وقالوا: من قال: يمكن أن ينتصب ذكره ويباشر بإكراه السوط، أو إكراه القتل، أو إكراه كذا وكذا؛ فلا شيء عليه، ومن قال: لا يتأتى الإكراه، وإنما أكره في الأول ثم رغب في الحال، وباشر وهو راض راغب، فكان الإكراه في البداية، وكان الرضا في أثناء العمل، فعليه الكفارة.
إذاً: تحقيق المناط في الإكراه والنسيان يتعلق به الكفارة وعدم الكفارة، وهذه مسائل نادرة، ولكن الفقهاء -رحمهم الله وجزاهم الله عنا أحسن الجزاء- بينوا هذه الوقائع، ولو كان وقوعها نادراً.