شرح حديث:(إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً ... )
قال رحمه الله: [وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصاً، فإن لم يكن فليخط خطاً، ثم لا يضره من مر بين يديه) أخرجه أحمد وابن ماجة، وصححه ابن حبان، ولم يصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حسن] .
يبين هنا صلى الله عليه وسلم أن على المصلي أن يتخذ شيئاً أمامه، فإن لم يجد شيئاً، لا عصاً ولا سهماً، فليخط خطاً، وأكثر الأئمة لم يقر الخط؛ لأنه لم يثبت عنده، ولم يصح الحديث فيه، لكن أحمد رحمه الله صحح الحديث وقال: من لم يجد شيئاً يستره من الناس فإنه يخط خطاً أمامه.
ثم اختلفوا في الخط هل يكون بالطول كالعصا التي يضعها بطولها أمامه أو يكون الخط معترضاً؟ أما العصا فتكون معترضة يميناً ويساراً؛ لأنه إذا جعلها بالطول ستأخذ حيزاً كبيراً تشغل الناس، وكذلك الخط، كما لو كانت عصاً يلقيها بين يديه، وقيل: يخطه من موضع سجوده إلى الأمام بطول ذراع، وقيل: يخطه مستديراً كهيئة المحراب.
وقالوا: إذا كان في أرض رمل جمع شيئاً من التراب أمامه، أو جعل أي شيء يشعر المار، والنووي رحمه الله في المجموع يقول: لو صلى على خمرة -وهي: السجادة المعروفة الآن- فإن نهايتها بمثابة السترة له؛ لأنها موضع صلاته وموضع سجوده، وما عداها مما وراءها ليس ملكاً له، وهو لم يقصد أن يحجر ما وراء مساحة السجادة، والسجادة من القدمين إلى السجود.
هذا الحديث بيان لنوعية السترة، فهي إما عنزة، وإما مؤخرة الرحل، وإما سهم، وإما عصا، وإما أن يخط خطاً، وجاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان يستتر براحلته في السفر خاصة.
وقوله:(ثم لا يضره من مر بين يديه) أي: إذا استتر بعنزة، أو بعصا، أو بمؤخرة الرحل، أو بالخط؛ فلا يضره من مر بعد السترة، ولا يتعرض له بالمنع.