مسيح على وزن: فعيل، من المسح، ويقول بعض العلماء: لقد جمعت له وجه في الاشتقاق ولم نقف على ذلك، ولكن كلمة المسيح من حيث اللغة يقول بعضهم: المسِّيح بتشديد السين تكون للدجال، والمسيح بدون أي وصف آخر هو عيسى بن مريم عليه السلام، قال الله:{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ}[المائدة:٧٥] وكيف نسبة الاسمين لهذين مع بعد ما بينهما؟ قالوا: المسيح تطلق بالتخفيف على الجانبين، ولكن إذا أُريد به عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام جاءت مجردة وإذا أُريد الدجال لابد من القيد، كقولنا: جاء بأن المسيح الدجال يفعل كذا، فقالوا: سبب التسمية من أصل مادة المسح.
أما الدجال: فلأنه يمسح الأرض كلها، ويأتي على جميع أماكن الأرض، ويطوف الكرة الأرضية ما عدا مكة والمدينة فلا يدخلهما، وقد جاء في رواية الموطأ في حق المدينة أن بها ملائكة لا يدخلها الدجال ولا الطاعون؛ فالله سبحانه وتعالى حفظ المدينة من أن يدخلها الدجال، ولكن فتنته تصلها، بمعنى يأتي فينزل بملتقى الأسيال وراء بئر رومة -كما جاء في نص الحديث- فينصب خيامه ويدق طبوله، ويخرج له من المدينة كل منافق يخرجون إليه والمدينة معصومة منه وهي حرام عليه، وكذلك مكة المكرمة.
إذاً: سمي المسيح لأنه يطوف في العالم بالمساحة السطحية ويجوبها كلها ما عدا الحرمين الشريفين.
أما عيسى ابن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فقالوا: مسيح بمعنى فعيل، ومسيح بمعنى فاعل، فقالوا: بمعنى فعيل ممسوح؛ لأنه نزل ممسوحاً، وما معنى ممسوح؟ قالوا: لأن النصارى من مبادئهم: أنهم يمسحون الطفل بما يسمى المعمدانية، فعيسى نزل ممسوحاً من عند ربه ولا يحتاج إلى مسحهم، وقيل: مسحه وعمده زكريا، وقيل: مسيح بمعنى فاعل أي: ماسح؛ لأنه كان يمسح المعتل فيبرأ.
واللفظ هنا جاء مقيداً بالدجال، واللفظ يطلق فيشمل عيسى عليه السلام ويشمل الدجال، ولكن إذا أريد بالاستعمال المسيح الدجال لابد أن يأتي بهذا القيد.