البيع إما مساومة أو مزايدة، فبيع المساومة: أن تكون السلعة في يد صاحبها، فيقول المشتري: بكم هذه؟ فيقول: بعشرة، بخمسة، بثلاثة، باثنين، فالذي تتبايع معه وحدك هذا سوم، فإذا تشاغلتما في السوم، وقال لك: أفكر، ولم يبع، فجاء الثاني وسام بأكثر -في غياب الآخر- فهذا لا يجوز؛ لأن البائع يبتّ في الرفض.
والبيع الثاني: المزايدة، كأن يقال: هذه بخمسة، من يزيد؟ بخمسة ونصف، من يزيد؟ وهكذا، فحيثما رسا المزاد بيعت، فالبيع بالمزايدة ليس فيه النهي عن السوم على سوم الغير؛ لأن الباب مفتوح، وكذلك إذا كان المبيع وقفاً، أو غنيمة، أو تركة لميت له ورثة، فيجوز فيه السوم؛ لأن السلعة مملوكة لأشخاص، فينبغي على البائع فيها أن يتحرى السعر الأفضل إلى آخر لحظة، فالتركة فيها قُصّار وفيها نساء، والوقف وقف لحق الله تعالى، والغنيمة لم تقسم، أو إذا سيم على السهم، وبائع الغنائم يريد أن يُقسم القيمة على الغانمين، فلهم حقوق، فينبغي أن يتحرى، ولا يتم التحري إلا بالسماح بالسوم على سوم أخيه، أما إذا كانت في الحراج، فوقعت المزايدة، فلا حرج في ذلك، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه باع بالمزايدة في هذا المسجد الشريف، كما في قصة الشاب الذي جاء وطلب الصدقة، فقال له:(أراك قوياً جلداً، قال: ليس عندنا شيء، قال: ما عندك؟ قال: حلس وقعب، قال: عليّ بهما، فلما جاء بهما، قال: من يشتري مني هذا؟ فقال رجل: بدرهم، قال: من يزيد؟ فقال رجل: بدرهمين) فهذا سام على سوم أخيه؛ لأنها مزايدة.
وهكذا النهى عن السوم على سوم أخيه مثل النهي عن البيع على بيع أخيه، إلا إذا كان البيع مزايدة فلا مانع أن يسوم وأن يزيد، إلى أن تصل السلعة إلى نهايتها، وبالله تعالى التوفيق.