تتمة للحديث:(أما العباس فهي عليّ ومثلها معها) ، قالوا: تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العباس زكاة ماله تلك السنة، و (مثلها) أي: السنة التي بعدها.
وبعضهم يقول: ليست هناك حمالة، بل إن العباس رضي الله تعالى عنه كان قد دفع زكاة ماله لعامين مستقبلين، قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم عرضت له حاجة فطلب من العباس أن يعجل زكاة سنته، وكان ذلك قبل أن يتم الحول، ومثلها معها.
ومن هنا يذكر العلماء هذا الحديث بعينه في موضوع جواز تقديم الزكاة قبل موعدها، أي: قبل ثبوت وجوبها ببلوغ الحول.
وقوله:(عم الرجل صنو أبيه) الصنو: معروف عند أصحاب النخيل، تكون نخلتان أصلهما في الأرض واحد، فالأصل واحد، وتتشعب كل نخلة منهما إلى جهة مقابل الأخرى، فيتفرع الأصل إلى فرعين، وهكذا العم بالنسبة إلى الأب، فإن أصلهما واحد وهو الجد، فالجد لأب هو الأصل، ثم انفصل عنه وتفرّع عنه أبو المتكلم وعمه؛ لاجتماعهما في أصل واحد وهو الجد، ويعني: أن العم والأب يتساويان.
والشاهد هنا: أن خالداً رضي الله تعالى عنه احتبس أعتاده في سبيل الله، و (احتبس) يحتمل أن يكون المعنى: أوقف، ويحتمل أن يكون أعد، أي: أعد أدراعه وأعتاده، والأعتاد أو العتاد: هي الخيل، والأدراع: نسج من الحديد يلبس وقت القتال، قالوا: هذا يدل على صحة وقف العروض كالدروع وآلات الحرب من سيوف ورماح وغير ذلك، وكذلك صحة وقف الحيوان؛ لأن الحيوان يدخل في عموم قوله:(وأعتاده) .
فمن هنا أتى المؤلف رحمه الله تعالى بهذا الحديث، وكأنه يشير إلى خلاف الفقهاء فيما يجوز وقفه وما لا يجوز؛ لأن البعض قد عارض في جواز وقف المنقولات، فعند الإمام أبي حنيفة رحمه الله عدم صحة وقف المنقولات؛ لأنها تتغير وتتلف ويعتريها طوارئ الأحوال، بخلاف العقار الثابت، والوقف إنما يجعل على التأبيد، والمنقول ليس فيه ضمان للتأبيد فهو معرض للتلف، ومعرض للضياع؛ فلا يتم فيه الوقف.