للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم بيع المغصوب على الغاصب]

ولو أن الغاصب بنفسه قال: يا أخي! أنت تعبتني من توسيط الناس، ومن الذهاب والإياب، وأنا لن أعطيك العبد، فإني محتاج له في عمل مهم، وأنت بالخيار: إما أن تسكت، وإما أن تبيعه عليَّ، فإذا كان ثمنه مائة قال: أعطيك خمسين ديناراً، فإن بعته بخمسين فخمسون في اليد خير من مائة عند الغاصب، فبعته على غاصبه، فهل يجوز بيعه على غاصبه أم لا يجوز بيعه عليه؟ يجوز بيعه على الغاصب؛ لأن الغرض أن يسلمه للمشتري، وهو الآن في يد المشتري، ولا يحتاج إلى تسليم جديد، ولا يوجد مانع من صحة البيع.

إذاً: لا يجوز بيع المغصوب إلا على غاصبه، أو قادر على أخذه من غاصبه، وهذا غاصبه وفي يده، وقد دفع الثمن، ولا يحتاج إلى تسليم؛ لأنه عنده، إذاً: يجوز أن يبيعه على غاصبه؛ لأنه لا يحتاج إلى تسليم جديد يعجز عنه.

أما إذا كان المشتري شخصاً ثالثاً، والثالث هذا عجز عن استلامه، فيحتاج إلى تسليم، ولما عجز عن استلامه واستخلاصه، والبائع -أيضاً- عاجز عن تخليصه وتسليمه؛ فالبيع باطل، أما إذا باعه على الغاصب نفسه فالبيع صحيح، وكون الغاصب معتدياً، أو استغل السعر، هذا شيء آخر، وهو داخل في استحقاق العقاب، فإنه مستحق للإثم والوعيد، ولكن الفقهاء يبحثون المسألة من حيث صحة العقد وبطلانه، فالعقد صحيح، وعليه إثم الاغتصاب، وعليه إثم النقص في الثمن، فإنه يجب عليه -شرعاً- أن يسلمه لصاحبه وصاحبه يكون حراً فيه.