واختلفوا فيما تنبته الأرض؛ فأجمعوا على هذه الأصناف الأربعة: الشعير، والبر، والزبيب، والتمر، واختلفوا فيما عدا هذه الأربعة، وهذا الحديث هو الأصل في هذه القضية.
يقول المؤلف رحمه الله:(عن أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما) ، أي: عندما بعثهما إلى اليمن، وكانوا قضاة وأمراء، وجباة زكاة وجزية، وكان لكلٍ مخلاف يعمل فيه، ومعاذ رضي الله تعالى عنه كان يطوف في اليمن بأقسامها كلها إلى حضرموت يعلم ويقضي، وهنا محل التعليم له حاجة، فإنه أرسلهما جباة للزكاة والجزية فعلمهما مما يأخذون الزكاة فقال:(لا تأخذا الصدقة إلا) وهذا الأسلوب في العربية يسمى أسلوب الحصر بالنفي والإثبات، كما قالوا في كلمة الشهادة: لا إله إلا الله، فحصرت الألوهية في الله سبحانه وتعالى.
والحصر يكون حقيقياً ويكون ادعائياً تقديرياً، أي: نسبياً، فتقول: لا شاعر إلا حسان، فحصرت الشعر في حسان، وهل لا يوجد شعراء سوى حسان؟ يوجد ابن رواحة وغيره من الذين ناصروا الإسلام، ويوجد غيرهم من شعراء الجاهلية، فيكون هذا حصراً نسبياً، أي: لا شاعر إلا حسان بالنسبة لخدمته للدعوة الإسلامية.
وهنا:(لا تأخذا في الصدقة إلا من) معنى هذا: ما بعد إلا هو المحصور فيه أمر الصدقة.
وإلى هنا يتفق الجمهور بصفة عامة -وكما قيل إجماع الأمة- على أن هذه المسميات الأربعة زكوية: الشعير، والبر أو الحنطة أو القمح، والزبيب، والتمر، وما عدا ذلك فهناك فواكه تشاكل الزبيب والتمر.