فنبدأ أولاً بنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما في بطون الأنعام.
وبهيمة الأنعام: هي من ذوات الأربع مأكولة اللحم: الإبل، والبقر ومعها الجاموس، والغنم ومعها الماعز، فهذه تحمل، أو كما يقولون: الثدية، أي: ذات ثدي فتلد وترضع.
فنهى صلى الله عليه وسلم عن بيع ما في بطونها، فلو رأيت ناقة لقحاء وحملها ظاهر جداً، وبقى لها شهر أو أكثر أو أقل لتضع حملها، وكان نوع هذه الناقة من حمر النعم من خيار الإبل، وتريد من نسلها، وتحرص أن تسبق إلى شراء ما في بطنها، حتى لا يسبقك الناس بعد ولادتها، فهذا لا يجوز؛ لأنك لا تدري هل ستأتي بفصيل أو ببكرة كما يقولون؟ بذكر أم أنثى؟ سوي الخلقة أم ناقص؟ إذاً: لا زال في صندوقه مقفلاً عليه لا نعلم عن كيفيته، فهذا فيه جهالة، كما لو جئت إلى إنسان بصندوق وقلت: هذه الصناديق فيها ملابس وأحذية -بدون رقم أو برقم- لكن نوع الصناعة ومقاساتها وألوانها كل ذلك مجهول داخل الصندوق، فلا يجوز بيع ما في داخله حتى تفكه وترى ما فيه وترتضيه، فكذلك ما في بطون الأنعام، سواء كانت في أوائل حملها، أو في أواخره، احتياطاً من كونه قد يأتي حياً وقد يأتي ميتاً، وقد يأتي على الجهة التي أنت تصورتها وتمنيتها وقد يأتي على جهة أخرى، فلو وقع البيع في هذه الحالة فالبيع باطل؛ لأن النهي يقتضي الفساد.