وقد سألني سائل من قبل عن زكاة الفطر: هل ندفعها لمؤسسة أم لا؟! فقلنا: إن هذا يفقدك فضيلة البحث والتفتيش عن المحتاجين حقاً، والتعايش والتعاطف معهم؛ لأنك بعيد عنهم، أما إذا خالطت وفتشت فسيظهر لك الشيء الكثير، وستجد المتعة الروحية في أنك تقدم لمستحق لا يعلم أحد عنه.
وهذا الحديث يدعو إلى تحري المحتاج، سواء كان عارياً فتكسوه، أو جائعاً فتطعمه، أو ظمآن فتسقيه.
وما هناك أعظم أجراً من سقي الماء، كما في قصة سعد بن عبادة لما توفيت أمه، وهو غائب في غزوة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما جاء سأل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال:(يا رسول الله! إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟! قال: نعم، قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء.
قال: فتلك سقاية أم سعد بالمدينة) .
وجاء أنه قيل لها: تصدقي أوصي، قالت: المال لـ سعد، وماذا أوصي؟ وأن سعداً قال:(يا رسول الله! أينفعها إن تصدقت عنها؟! قال: نعم، قال: وما خير الصدقة؟ قال: سقي الماء) ، فكانت سقاية أم سعد معروفة في المدينة، وكانت إلى عهد التابعين.
وحبذا لو أخذت ثلاجة تبريد وجعلتها في مسجد من المساجد، وليس بلازم أن يكون مسجداً، فلك أن تجعلها في ملتقى شوارع، أو في ميدان، أو في منطقة ليس لأهلها ثلاجات في بيوتهم، فإذا جئت بهذه البرادة، واتفقت مع صاحب بيت بجوارها أنك تدفع له كلفة الكهرباء والماء شهرياً، بشكل تقريبي بقدر ما يستهلكه في بيته لكان خيراً، وما الذي يمنع من أن يشترك اثنان أو ثلاثة في برادة واحدة؟! فسقي الماء أثره وأجره عظيم جداً.