نهى صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن، وهذه من أخطر قضايا الربا، وهي من أخطر المعاملات في الأسواق، وسيأتي عن جابر أو غيره توضيحها أكثر.
ربح ما لم تضمن، ما هو الذي لم تضمن، ملكك أم ملك جارك؟ ملك الجار، أما ملكك فإنك تضمنه، يعني: إن خسر سيخسر إليك، وإن ربح سيربح لك، أما بضاعة جارك فإن خسرت فهل تضمن منها شيئاً؟! الأجنبي لو خسر في سلعته، فهل تضمن -أنت- منها شيئاً؟! فإذا كنت لا تضمن خسارتها، فكيف تأخذ ربحها! مثلاً: هناك تاجران متجاوران، فجاء رجل إلى أحد التاجرين يريد أن يشتري منه سلعة، ولتكن -على سبيل المثال- الشاي الأخضر، فقال التاجر، معذرة، نفدت البضاعة من عندي، ولكن سأحضرها لك بعد قليل، فاتفقا على السعر، ثم اتصل التاجر بجاره وطلب منه البضاعة المطلوبة، وكان قد تعاقد التاجر الأول مع المشتري على أن سعر البضاعة ثلاثمائة، ولما ذهب لإحضارها، اشتراها من جاره بمائتين وثمانين، فيكون قد ربح عشرين، ولكن هذا الربح من أين جاء؟ جاء هذا الربح عن طريق بيع سلعة ليست في ملكه، وليست في ضمانه، فإذا كنت لم تضمن خسارتها، فكيف تأخذ ربحها؟! دعها لصاحبها يربح منها، كما تركتها له يتحمل خسارتها، وهذا هو حق الأسواق، فلا تبع ما لم تضمن، لماذا؟ لأن الضمان بالخراج، أو الخراج بالضمان، الربح مقابل تحمل الخسارة، الغرم بالغنم، أو الغنم بالغرم، السلعة التي تريد أن تأخذ غنيمتها وهو ربحها هي التي أنت تتحمل ضمانها.
ويوجد هنا ما يسمى بالمخاطرة، فصاحب السلعة الموجودة عنده مخاطر بها؛ لأنها معرضة للتلف، ومعرضة لانخفاض السوق فجأة، فهو دائر بين: الربح، والمساواة، والخسارة، وأنت بعيد! فكيف يصح لك أن تقطع عليه رزقه، وتكسب ما لم تضمنه؟ إذاً: فإنما الكسب لصاحب الضمان.