قول النبي عليه الصلاة والسلام:(قل الحق ولو كان مراً) ، يدل هذا اللفظ:(قل الحق) على صحة إثبات الحق بالإقرار؛ لأنه لو لم يكن لقول الحق فائدة في الإثبات لما صح.
ويقولون: الإقرار حجة بالكتاب، والسنة، والإجماع.
في الكتاب في قضية الدين:{وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ}[البقرة:٢٨٣] ؛ لأنه يملي ما عليه، ويقر بذلك في نفسه، ومن حكمة التشريع: أن الذي يملي على الكاتب هو المدين؛ لأن إملاءه عليه اعتراف بالدين، لا أن نملي عليه الدائن؛ لأنه يملي بما يريد، وإقرار الشخص لا يسري إلا على نفسه، فلا يحق للدائن أن يملي على الكاتب، فهذا من الأدلة، وأيضاً قوله تعالى:{أَأَقْرَرْتُمْ}[آل عمران:٨١] ، وقوله تعالى:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}[الأعراف:١٧٢] ، فأخذ المولى سبحانه العهد على النبيين بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم:{قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}[آل عمران:٨١] .
وفي السنة لما جاء ماعز واعترف بالزنا، ورده عليه ثم ألزمه بإقراره، وأمر بإقامة الحد عليه، وكذلك قصة العسيف، لما جاء أبو العسيف مع رجل آخر، وقال: إن ابني كان عسيفاً عند هذا -يعني: أجيراً عنده- فزنى بامرأته، فسألت فقيل: على ابنك وليدة ومائة شاة، فاقض بيننا -يا رسول الله- بكتاب الله فقال:(سأقضي بينكما بكتاب الله: الوليدة والمائة شاة رد عليك، وعلى ابنك الجلد وتغريب عام -لأنه بكر- واغد -يا أنيس - إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) ، ثم رجمها بناءً على اعترافها.
إذاً: الإقرار بينة يعتمد عليها بنص السنة في ذلك.
وجاء رجل إلى أبي بكر فقال: إني وجدت رجلاً مع امرأتي، فقال: يا فلان! اذهب إلى امرأته فسلها، فوجدها مع نسوة فقال لها: إن زوجك يقول كذا وكذا -وإقرار الإنسان لا يكون إلا على نفسه، يعني: ما يلزمك من إقراره غيرك أي شيء- فأقرت ولم تنزع عن إقرارها، وأصرت على إقرارها واعترافها، فأمر برجمها.