[حكم الصلاة على غير الأنبياء]
فهنا: هل تجوز الصلاة من الإنسان للإنسان فتقول: اللهم صل على آل فلان؟ فكوننا نقول: اللهم صل على محمد، قد أمرنا بذلك {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} [الأحزاب:٥٦] فهذا أمر من الله أن نصلي على محمد صلى الله عليه وسلم، فهل نفعل ذلك للخلق فيتساوى أفراد الأمة مع رسولها؟ بعض العلماء قال: لا نصلي عليهم، ولكن ندعو لهم بالخير! بغير صيغة الصلاة، وإنما نقول: اللهم أكرمهم، وبارك لهم فيما رزقتهم، ونمِّ أموالهم، واحفظها، ونحو ذلك.
ومن هنا لما انتقل صلى الله عليه وسلم إلى جوار مولاه قال بعض الناس: أنا لا أعطي الزكاة لـ ابن أبي قحافة.
قال: كنت أعطيها لرسول الله لأنه كان يصلي علينا، وليست صلاة ابن أبي قحافة علينا كصلاة رسول الله، فأنا أؤديها بنفسي.
ولكن كما نعلم أنه لم يقبل منهم ذلك.
ومن الطريف أنه يذكر في ترجمة سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه إلى بيته، فسلم النبي صلى الله عليه وسلم، فرد سعد: وعليكم السلام.
بصوت خفيف لم يسمعه رسول الله، فأعاد: السلام عليكم.
فرد: وعليكم السلام.
وأعاد مرة ثالثة: السلام عليكم.
فرد: وعليكم السلام.
فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه سلم ولم يسمع جواباً ولم يؤذن له، فقيل لـ سعد:ألم تأذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما سلم؟ قال: أريد أن يكرر، فلما انصرف صلى الله عليه وسلم لحقه سعد، فقال: والله يا رسول الله! لقد سمعت سلامك من أول مرة، ورددت بصوت خفي لا تسمعه لتكرر (السلام عليكم) ويتكرر لنا سلاماً منك علينا، فرجع معه النبي صلى الله عليه وسلم وأكرمه.
يهمنا أن هذا الصحابي، الذي كان سيد قومه، حضر بيعة العقبة وكان نقيباً فيها، فيسلم عليه الرسول ولا يقول له: تفضل.
ويريد أن يكرر السلام، ألا تأذن لرسول الله؟ قال: دعه يسلم علينا أيضاً.
إذاً: كان أولئك القوم يريدون دفع الزكاة لرسول الله لأنه يصلي عليهم، وصلاة الرسول دعاء، ودعاؤه مستجاب، ولهذا قالوا: لا نعطي أبا بكر؛ لأن دعاءه ليس كدعاء رسول الله.
إذاً: ما دام أنه جاء النص فلا محل للاجتهاد، ولكن هل هذا عام في كل من يأخذ الصدقة من أهلها؟ البعض يقول: نعم؛ تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، والبعض يقول: هذا خاص برسول الله.
لماذا خصصتموه؟ قالوا: لقد كتب أبو بكر أنصباء الزكاة وبينها للعمال، وبعث رسول الله عمالاً يجمعون الزكاة، وبعث أبو بكر عمالاً يجمعون الزكاة، ولم يرد عن مبعوث واحد وعامل في الزكاة أنه أوصي بأنه: إذا أخذت من أحد فصل عليه.
فما داموا عمال الزكاة لم يعملوا بها في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الخلفاء من بعده، فقد كانت خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم.