قوله: عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، عمر له عدة أبناء ستة أو سبعة، لكن إذا أطلق هذا اللفظ انصرف إلى عبد الله، وله أخ اسمه عبيد الله، وآخر اسمه عاصم وغيرهما، وعبد الله هو المشهور بالرواية.
قال:(أصاب عمر) ، ولماذا لم يقل: أصاب أبي؟ ليبرز لنا صاحب الحديث لو قال: أصاب أبي، فمن يكون أبوه غير عمر؟ لكن قال: أصاب عمر ليُبرز شخصية عمر، وهو من الخلفاء الراشدين، وسنته متبعة، ومنزلته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم هي هي، وكذلك عقليته وفقهه، قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام:(كان يكون في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي منهم أحد فإنه عمر) وفي بعض الروايات الضعيفة: (لو لم أرسل إليكم لأرسل عمر) .
وفي الحديث:(ان الشيطان ليفرق منك يا عمر!) ، وأنزل القرآن موافقاً لرأيه في ستة مواطن، ومع هذا كله لما أصاب أرضاً بخيبر جاء يستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأرض، يعني: يطلب أمره، ويستأذنه، ويستشيره، وما عوّل على ما عنده من خلال الخير والفطنة والمعرفة، وهذه -والله- هي السعادة الكبرى، أن يكون صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، يسألونه في الصغيرة والكبيرة، ويصدرون عن رأيه، ويستأمرونه فيما يخصهم، ملك أرضاً وله أن يتصرف فيها كيفما يشاء، وفي المثل: من تحكّم في ماله ما ظلم، ولكن ما دام الرسول صلى الله عليه وسلم موجود فيذهب يستشيره.
وقوله:(أصاب أرضاً بخيبر) ، هل خيبر فتحت عنوة أم صلحاً؟ عنوة، فلو كانت صلحاً لم يصب منها شيئاً، فهي فتحت عنوة، وقد فتحت حصناً حصناً، ولما أظفر الله سبحانه وتعالى المسلمين بهم، عقد الصلح على أن يعمل اليهود فيها، ويكون لهم نصف الثمرة والزرع، وكانوا أشد خبرة بالغرس والزرع، وكان المسلمون مشغولين بالجهاد، فأصبحت ملكاً للمسلمين؛ لأنها فتحت عنوة.
والأرض التي تُفتح عنوة تقسم على المجاهدين، فكانت حصة عمر من خيبر كما قال:(لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه) ، أي: من هذا الجزء الذي أصبته من خيبر.