قال:(ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين) عندما غسل يده تيامن، وغسل القدمين أيضاً فيه تيامن، وفي الحديث:(كان صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في كل شيء) ، وقد جاء الفعل في غسل اليدين والرجلين مجملاً في الكتاب، فقال تعالى:{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة:٦] ، وليس فيه يمين ولا يسار، فبمقتضى عموم النص في الآية يمكن أن تبدأ باليمين أو اليسار كما تريد، لكن بمقتضى تطبيق السنة تقدم اليمنى.
وقوله:(إلى الكعبين) الكعب والتكعيب والمكعب والكعبة والكواعب مأخوذة من مادة واحدة، فالشكل المكعب ما استوى طوله وعرضه وعمقه، فالمكعب: الجرم المتكعب الناتئ الذي يستوي طوله وعرضه وعمقه، ومنه سميت الكعبة؛ لأنها توجد على هذا التكعيب وسط الخلاء، ومنه أن الفتاة إذا ند ثديها وبرز على صدرها سمي مكعباً، فهو تكعب على جرم مصفح، فكواعب على وزن فواعل (جمع فاعل) ، وهي التي ند ثديها -أو برز ثديها- وظهر للعيان.
فما هما العظمان الناتئان اللذان يصدق عليهما اسم الكعب؟ قال بعض العلماء: لو نظرت في ظهر القدم تجد أن فيه عظماً ناتئاً عند عقد شراك النعل، فكل رجل فيها كعب واحد، فتغسل إليه، ويكون غسل القدمين إلى الكعبين، ففي كل قدم كعب واحد، وهذا يذكرونه عن الأحناف.
لكن الجمهور يقولون: كل قدم فيها كعبان، وكل رجل تغسلها إلى كعبيها.
والكعبان عندهم العظمان الناتئان على جانبي القدم في المؤخرة عند التقاء الساق بالقدم، وهذا ما تشهد له السنة.
فقد جاء في الإحرام أنه إذا لم يجد المحرم نعلين يلبس الخفين، ويفعل كما قال صلى الله عليه وسلم:(وليقطعهما أسفل من الكعبين) ، وفي تسوية الصوف ومساواتها قال الراوي: يلصق أحدنا كعبه بكعب جاره فهل سيلصق الكعب الذي فوق القدم بكعب صاحبه، أم العظم الناتئ عن اليمين وعن اليسار؟ فالكعبان هل هما العظم الناتئ على ظهر القدم كما يقوله الأحناف، أم العظمان الناتئان على جانبي الساق؟ والجواب: العظمان اللذان على جانبي الساق.