انتقل المؤلف رحمه الله من بحث المساقاة والمزارعة إلى المؤاجرة، وهو القسم الثاني من عنوان المصنف في هذا الباب، والمؤاجرة تأخذ حيزاً كبيراً في كتب الفقه والموسوعات.
يعرفون الإجارة بأنها: بيع المنفعة، بخلاف البيع فهو: بيع العين، فأنت تشتري الدار وتصبح ملكاً لك، تبيعها أو تهبها أو تؤاجرها أو تغلقها أو تهدمها أو تبنيها أنت حر، أما في عقد استئجار عين الدار فأنت لا تملك العين ولكن المنفعة، وما هي المنفعة التي تأتي من الدار؟ المنفعة التي ترجى من الدار هو السكنى، ولذا يقولون: من استأجر عيناً لا يجوز له استعمالها في غير ما وضعت له وإلا كان متعدياً مفرطاً، فلو استأجر داراً للسكنى، ثم حوّلها مدرسة، فلصاحب الدار الحق في أن يلغي العقد؛ لأن مضرة المدرسة بالأطفال أكثر من مضرة الساكن رجل هو زوجته وولدان أو ثلاثة مضرتهم على البيت ليست كمائة طالب، هذا يكسر النوافذ أو يخرب أو يستهلك ماءً أو.
إلخ، وهكذا.
فإذا استأجرها للسكنى لا يحق له أن يستعملها مستودعات للتجارة؛ لأن المستودعات يضع فيها بضائع ومنها المطعومات، فتنشأ فيها الفئران وتتربع وتسمن وتحفر في الأرض وتخرب، أما إذا استأجرها لسكناه فله الحق في أن يؤاجرها لمثله في استيفاء مثل المنفعة التي استأجر عليها.