فهذه الصورة الموجودة الآن على ما هي عليه لا ينكر عليها، فإذا قصرت بإنسان همته أو نشاطه أو طرأ عليه عذر ما فهذا أمر شخصي ولا ينبغي أن يجعل مقياساً للآخرين ولا أن يعترض على الآخرين، ويقول: هذه بدعة عمر -أعوذ بالله- هي بدعة لغوية وليست بدعةً شرعيةً؛ لأن البدعة في اللغة: هي الابتداع والابتكار على غير مثال سابق على حد قوله سبحانه: {بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[البقرة:١١٧] ، يعني: ابتدع خلقتها وهيئتها، فهذا الجرم العظيم الذي لا يحده النظر والذي يحيط بالعالم كالقبة لم يكن له مثال قبل هذا.
إذاً: لما قال: نعمت، عرفنا بأنها ممدوحة، ولما قال: البدعة، عرفنا أنها اللغوية، وكيف يقره علي وعثمان وجميع الصحابة على شيء مبتدع؟! أنا أقول: إن الذي يقول: هذا بدعة عمر يؤدب؛ لأنه ينسب إلى عمر رضي الله تعالى عنه ما هو منه براء، فـ عمر الذي كان الشيطان يفر من طريقه، ووافق القرآن في عدة مواطن هو أبعد الناس عن الابتداع في دين الله.
إذاً: هذا العمل الذي أقره عليه سلف الأمة من شاء أخذ به بحذافيره ومن شاء أخذ به بقدر طاقته، ولكن كما أشرنا لا يدعو إلى قوله ولا يعيب على غيره، ولكن بقدر طاقته وما تيسر له.