قال المصنف رحمه الله: [وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه) متفق عليه] .
بعد أن فتح الله على المسلمين، وأصبحت تأتيهم الغنائم، قال عليه الصلاة والسلام:(من ترك غرماً فعلي، أو كلاً فلي -يعني: من كان عاجزاً ذا عاهة فأنا ضامن له، فإن ترك ديناً فعلي دينه- قيل: يا رسول الله! وعلى الأئمة بعدك؟ قال: نعم، وعلى كل إمام بعدي) أي: أن بيت مال المسلمين المنتظم يتضمن سداد دين المعدم، ومغنم الميت يرجع إلى أهله، وهذه -والله- هي الرحمة المهداة فعلاً، إن كان الميت مفلساً معدماً ليس عنده ما يسدد به دينه سدده عنه رسول الله، وإن كان غنياً ذا مال فماله لورثته، ولا يأخذ منه عليه الصلاة والسلام شيئاً، قال:(أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم) ، فكان من مات وعليه دين لم يصل عليه، وبعد أن فتح الله عليه الفتوح صار يصلي على من مات وعليه دين، ويقضي دينه من بيت مال المسلمين.
ويسوق المؤلف هذا الحديث في باب الضمان؛ لأن دين الميت تحوّل عنه، والضامن اشتغلت ذمته بهذا الدين عن الميت.
ويؤخذ منه أنه يصح سداد الدين من وارث الميت ومن غيره أياً كان، وهل يرجع على ورثة الميت أو لا يرجع؟ إن كان ترك وفاءً، وفعل ذلك رحمة بالميت فله أن يرجع، وإن كان فعل ذلك تطوعاً أو صدقة أو هبة فليس له أن يرجع، وبالله تعالى التوفيق.