للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم زيادة لفظ: (سيدنا)]

بقي عندنا مناقشة العلماء في الأسلوب والتركيب: عرفنا بأن الصلاة من العباد دعاء، ومن المولى رحمة، ومن الرسول شفاعة.

أما قول: (سيدنا) فلم يتعرض لها المؤلف، ولكن تعرض لها غيره، وبعض الناس في هذا المقام يقول بالتسييد (اللهم صل على سيدنا محمد) ، وقد رأيت رسالة مخطوطة قديمة سابقاً، وفي ذهني بعض منها وهي للشافعية، ويرون بأن لفظ: (السيد) من باب التكريم والتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجمهور يقولون: جاءت الصيغة في معرض التعليم جواباً على سؤال؛ فلا تحتمل الزيادة ولا النقصان، فيجب الالتزام بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم وهو يُعلم الأمة سواء في الصلاة أو خارج الصلاة.

ولا شك أنه سيد الأولين والآخرين، كما قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) ، وقال: (إن الله اختار العرب من الناس، واختار من العرب قريشاً، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم؛ فأنا خيار من خيار من خيار) .

إذاً: خارج الصلاة قل: سيدي وسيدنا وسيد الثقلين وسيد الأولين والآخرين، لا أحد يعارضك، لكن في الصلاة لا تقل لأمرين: الأمر الأول: أنهم قالوا: الصلاة حق لله، وهي تعظيم لله بالحمد والثناء والركوع والسجود، وتقول: الله أكبر، أي: من كل كبير جاء في خاطرك، فما دام أنها للتعظيم والتمجيد والثناء للمولى سبحانه، فما تحتمل أن تثني على غيره معه، فقولك: سيدنا، معناه: أنك دخلت في باب التكريم والتعظيم بغير الله مع الله، وهذا لا يصح، بل أفرد التكريم والتكبير والإجلال في الصلاة لله.

والأمر الثاني: قوله: (وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) جاءت بصفة العبودية لتلتزم بها، والجمهور يقولون: تقولون: إنكم تُسيدون إكراماً لرسول الله؟ قالوا: نعم، قالوا لهم: لا، التكريم الحقيقي هو الالتزام واتباع ما علمنا به، يُعلمك كذا وأنت تفعل كذا، هذا ليس تكريماً، لأنك خرجت عن التعليم، وحقيقة التكريم هي: أن تمتثل ما أمرك به، والبحث قد يتوسع فيه بعض الناس، واخترعوا له قاعدة: هل الأدب الأولى أم الامتثال؟ والصحيح أن الامتثال أولى.