أخذ الجمهور من هذا الحديث: أنه لا يجوز الأذان للصلاة إعلاماً بدخول الوقت قبل أن يدخل الوقت، وهذا في جميع الأوقات الخمسة ما عدا الجمعة، فإنهم اختلفوا في جواز الأذان لها قبل دخول الوقت، فالأئمة الثلاثة يقولون: لا يؤذن للجمعة إلا بعد دخول وقت صلاة الظهر، وهو: زوال الشمس عن كبد السماء، ومالك رحمه الله يذكر في الموطأ: أن جعفراً كان له طنفسة عند جدار المسجد الغربي، فإذا غطاه الظل أذّن المؤذن وبدأ في صلاة الجمعة، ومعلوم أن الظل أو الفيء لا يكون إلى جهة المشرق إلا بعد زوال الشمس عن كبد السماء إلى جهة الغرب؛ لأن الظل عكس الشمس، إذا كانت الشمس في المشرق فالظل يكون إلى المغرب، وإذا كانت في المغرب فالظل يكون إلى المشرق، فنص مالك رحمه الله: أنه لا يجوز النداء للجمعة إلا كما يجوز للظهر، وهذا ما عليه المذاهب الثلاثة.
أما الإمام أحمد رحمه الله فإنه يجوّز صلاة الجمعة قبل الزوال، ولهذا يجيز الأذان لها قبل ذلك، ويقول: الجمعة عيد، وتصح صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس وقت الضحى إلى قبل الزوال، فالأمر عند أحمد متسع، ولكن المنصوص عن أحمد: أن المستحب ألا تكون الجمعة إلا بعد الزوال.
إذاً: مذهب أحمد جواز إيقاع صلاة الجمعة قبل الزوال، ولكن المستحب عنده ألا تكون إلا بعد الزوال، وبهذا يتفق مع الجمهور، والله تعالى أعلم.