للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نفقة عامل المضاربة]

مسألة: وهنا في عمل العامل: هل لعامل المضاربة نفقة من مال المضاربة أم أن ونفقته على حسابه هو أم يأخذها من رأس مال الشركة؟ يتفقون على أن نفقته من رأس مال الشركة، ولكن بأي ميزان؟ هل بميزان الترف والسعة، ويضيع رأس المال في مصاريفه ينزل في أفخر (الفنادق) ، ويأكل أفضل الأطعمة، ويتوسع على حساب غيره؟ لا.

وكذا هل يجتزئ بالتمر والماء؟ لا.

إنما يأخذ النفقة بالمعروف، كما لو كان في سفره هذا لحسابه هو كيف سيعمل؛ سيجتزئ في الصباح بالعيش والفول، وفي الظهر بإدام وكذا ويكون مقتصداً في نفقته، وهكذا إما أن يقدر له رب المال مقداراً معيناً يومياً لنفقته، وإما أن يتركه لأمانته، فلا يسرف ويجحف برأس المال، ولا يبخل فيؤثر على نفسه؛ لأنه يجب أن يكون نشيطاً ويأخذ حقه.

وهل يتبع نفقته الكسوة؟ فيكتسي من رأس المال ما دام في سفره؟ البعض يقول: الكسوة خارجة من النفقة، والبعض يقول: الكسوة جزء من النفقة، والبعض يفصل ويقول: إذا كانت سفرته هذه من الطول والزمن بحيث تبلى ثيابه قبل الشركة، فيستعيض عنها بجديد مثلها على حساب الشركة، أما إن كانت السفرة قصيرة ومثلها لا يكون لها أن تبلي الثياب التي يلبسها؛ فليس له كسوة.

إذاً: النظر بالمعروف.

وحينما تكون البضاعة التي يعمل فيها العامل تحتاج إلى عمال؛ لأنها بالات وأكياس كبيرة والعامل لا يقوى على حملها، أو تحتاج إلى التحميل في السيارة من مكان مشتراها وتنزيل من السيارة في مستودعاتها فأجرة الحمال من عمل العامل أو من رأس المال؟ قالوا: من رأس المال، وكذا إن كانت تحتاج التجارة إلى مستودع تحفظ فيه إلى أن يصرفها؛ فأجرة المستودع هذا من المال وإن كان لرأس المال مستودعاً فيستعمله، وإن لم يكن له استأجر بالمعروف من رأس المال.

وإذا كان عند التصريف والبيع السلعة نافقة والزبائن كثر واحتاج إلى من يعمل معه لسرعة إنجاز تصريفها، فيستأجر عمالاً معه، وأجرة العامل عليه هو من حصته أو على مصلحة التجارة، ويكون من رأس المال؟ وإذا جاء العامل ورأى الربح والعمل وقال: أنت جعلت لي الربح مناصفة، ونحن الحمد لله وجدنا خيراً كثيراً، أريد أن تجعل لي شيئاً مقطوعاً خارجاً عن النصف، يعني: يومياً خمسة أو عشرة ريال أو شهرياً ألف ريال مثلاً، قال: وحصتك من الربح النصف، قال: معها.

أيجوز له ذلك أو لا يجوز؟ أجمعوا على أنه لا يجوز للعمال أن يشترطوا نقداً معيناً، فإذا اشترط العامل لنفسه نقداً معيناً دون حصته من الربح، قال: أنا ما أدري الربح كم يكون: كثير قليل.

ولكن أريد منك مبلغاً يومياً أو شهرياً كذا، فحينئذٍ لا يكون عقد شراكة بل يكون عقد إجارة، ويكون الربح كله لصاحب المال، وللعامل ما اشترطه من المبلغ المقطوع، ولا عليه ربحت أو خسرت.

هذه أهم أطراف نواحي شركة المضاربة، وما يجوز فيها من الشروط وما لا يجوز، وهنا حكيم بين لنا العلة في ذلك، وله الحق في ذلك.