قوله للموتى:(السلام عليكم أهل الديار) لو مررت على الجدار فلا تقول: السلام عليك يا جدار؟ لأن الجدار لا يسمع، فحينما تقول لمن أمامك: السلام عليك.
لا تقولها إلا إذا كنت تعلم أنه أهل للسلام وأنه يسمع منك السلام، ومن هنا يستدل العلماء على أن من سلَّم على ميت؛ فإن كان يعرفه باسمه ذكره، وقد جاء الحديث:(من مر بقبر أخيه المسلم وهو يعرفه باسمه وسلم عليه، رد الله عليه روحه فرد عليه السلام) فإذا كان بصفة عامة لا يعرف الأسماء سلم عليهم بصفة الإسلام.
إذاً الموتى يسمعون، ومن أراد كثرة الأخبار في هذا الباب فليرجع إلى كتاب الروح لـ ابن القيم فإنه يجد فيه متعاً وأخباراً وأشياء كثيرة جداً.
وذكر العلماء أن الموتى لا تخفى عليهم حالة من يمر بهم، وأنهم يتزاورون، أو إذا مر عليهم مار فسلم عليهم فدعا لهم وزعت لهم الجوائز ومنحت عليهم المنح، فيقال: من أين هذا؟ فيقال: فلان مر فسلم، فلان مر فدعا.
إلى غير ذلك، فقالوا: هذا من أقوى الأدلة على أن الموتى يسمعون السلام والدعاء ممن يُسلم عليهم ويدعو لهم، وإلا كان السلام سيذهب ضياعاً، فهذا يقتضي بدلالة الالتزام أن الميت يسمع السلام.
قوله:(السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين) أهل الديار كلمة (الديار والدار) تطلق على الأرض مسكونةً كانت أو غير مسكونة، تقول: ديار ثمود، ديار بني تميم، وقد تكون خالية منها، فتطلق على العامر والدامر.
قوله:(السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين) الجمع بين الصفتين يعلم الله تعالى ما الحكمة منه، ولكن غالباً ما يكون ذلك لتفاوت درجات أهل المقابر، فليسوا كلهم على درجةٍ واحدة، فمثلاً لو قال:(السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين) يمكن أن يقال: هذا لا يصل من هم أقل منهم درجة، فأتى الحديث بسلام يشمل الجميع من المسلمين والمؤمنين.
قوله:(وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون) .
(إنا) ضمير المتكلم ومعه غيره؛ لأن معه من يسمع صلى الله عليه وسلم وهو يعلمهم، أو للمتكلم ومعه غيره إذا خرجوا إلى المقابر فهذا جمع خرج للمقابر من الرجال، (وإنا) يعني معشر الحاضرين المتكلمين.