قال:(أو أن نستنجي برجيع أو عظم) الرجيع: هو روث الدواب، والعظم معروف، والسبب في هذا ما جاء في حديث ابن مسعود:(أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته ثم قال: ائتني -أو ابغني- ثلاثة أحجار.
يقول: فما وجدت إلا حجرين وروثة، فجئت بالحجرين والروثة، فأخذ الحجرين وألقى الروثة -ويزيد بعض الرواة- وقال: ائتني بغيرها -وفي بعض الروايات- فإنها ركس) أي: إنها نجسة، ولا تزال النجاسة بنجس.
إذاً: الذي لا يجوز الاستجمار به ما كان نجساً أو عظماً، وقاسوا على العظم كل مطعوم، لأن العظم مطعوم، وجاء في بعض الروايات أن العظم إذا ألقاه المسلم وسمى الله عليه فإنه يكسوه الله لحماً للجن.
وفي ليلة نصيبين سأل الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاد فقال لهم:(لكم روث كل دواب المسلمين يعود على ما كان عليه قبل أن تأكله دوابهم) أي: فإن كان روث البرسيم فإنه يرجع برسيماً، وإن كان روث الشعير فإنه يعود شعيراً ويكون علفاً لدوابهم، وقال: وما ألقاه المسلم من عظم وسمى الله عليه يكسوه الله لحماً طعاماً لكم.
فبعضهم يقول: النهي عن الاستجمار بالعظم لأنه طعام مؤمني الجن، وبعضهم يقول: العظم من حيث هو حاد يجرح ولا ينقي، وإذا استنجى بمستطيل العظمة -بجرمها- فالعظم أملس، والأملس لا ينقي، وعليه: لا يصح الاستجمار بكل ما كان مثل العظم في ملاسته، فلو أخذ قارورة صغيرة من الزجاج واستنجى بها لم يصح لأنه أملس لا ينقي، أو أخذ مثلها من الأجرام الأخرى من العاج أو من الأحجار الناعمة فهذا لا يجزئ.
وبالتالي فإن كل ما كان يشاكل الحجارة في اليبوسة والخشونة فإنه يجزئ، ولو كان هناك قماش متين كالصوف مثلاً فإنه يجزئ، أما الحرير الناعم لا يجزئ؛ لأنه لا ينقي، وإذا كان هناك ورق خشن كما يوجد في بعض المحلات ورق خاص لبيوت الخلاء فهذا يجزئ.
وهكذا النهي عن الاستجمار بكل محترم طعاماً كان للإنس أو الجن، وما كان طعاماً للإنس تلك نعمة ويجب أن تكرم وتحفظ لا أن تضيع وتتلف وتخالط النجاسة، فلا يجوز أن يستجمر بالتمر أو الرمان أو التفاح؛ لأنه لا يجوز تقذيره، ويحرم عليه أن يستعمله في هذه الحالة.