قال الحنابلة: العلة هي الكيل، حتى أجروا الربا في الأشنان، والأشنان نوع من النبات ينبع على مجاري المياه، كان يغسل به الصوف دون الصابون؛ لأنه يذهب عنه الأوساخ والآكلة، ولا يوهن الصوف، فهو نوع من النبات، لكنه يباع بالكيل.
وألحقوا بالأصناف الستة الحناء، فإنه إذا دق ورق الحناء صار مثل الدقيق، والعرف فيها الكيل، فقالوا: إذا بيع حناء بحناء فالعلة الكيل، فيمنع الربا فيها بجامع الكيل، واستدلوا بما جاء عند ابن حبان:(كل ما يوزن مثلاً بمثل، وكذلك الكيل) .
وبهذا أخذ الحنابلة والأحناف.
ومن العلماء من قال: العلة هي: الطعم مع الكيل؛ لحديث:(الطعام بالطعام مثلاً بمثل) ، وكان طعامهم يومئذ الشعير، ولكن اللفظ:(الطعام بالطعام) أنتم طعامكم الشعير، وهناك في مكة طعامهم البر، وهناك في أندنوسيا طعامهم الأرز، وهناك في أفريقيا طعامهم اللوبيا، إذاً: الطعام في كل مكان بحسبه، ولفظ الطعام عام، ولا نخصصه بطعامهم يومئذٍ، هذا طعامكم أنتم، لكن طعام غيركم غير هذا.
إذاً: علة الربا، وإلحاق غير المنصوص عليه، اختلفوا فيه اختلافاً كثيراً، فمن استقرت عنده علّة الربا، ثم وجدها في غيرها ألحقه بها، فبعضهم عنده العلة الكيل والوزن فقط لحديث ابن حبان:(كل موزون مثلاً بمثل، وكذلك الكيل) يعني: وكذلك كل مكيل؛ ولهذا اقتصر الحنابلة على أن العلة الكيل فقط.