(وأن أقول الحق ولو كان مراً) ؛ لأن قول الحق فيه صلة لصاحب الحق، كان الحق ضائعاً خفياً لا يعرفه أحد، فإقراره بالحق كما يعطي المساكين، وكما يصل رحمه، فيعطي صاحب الحق حقه، وكيف يكون الحق مراً؟ لأن الحق ثقيل، فيه إلزام، وله توابع، والكذب ذاهب في الهواء، والحق أمر معنوي، والمرارة أمر حسي، تقول: هذا الطعام مر، وهذا الطعام حلو، والحلاوة والمرارة أمر مادي موجود ملموس؛ ولكن الحق أمر معنوي، وهذا على سبيل التشبيه؛ لأن الحق لو كان مطعوماً لكان مراً كما قال الشاعر: ولم أر كالمعروف أما طعمه فحلو وأما وجهه فجميل المعروف أمر معنوي، وهو الإحسان، لكن شبهه لو كان من الناس لكان جميل الوجه، ولو كان في الطعام لكان حلواً.