وعن عائشة رضي الله عنها قالت (والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني نيضاء في المسجد) رواه مسلم.
هذا الحديث الذي تقسم عليه عائشة رضي الله عنها، ونحن نعلم في سر البلاغة في العربية أن من أساليب الكلام: الأسلوب الابتدائي، والأسلوب الإنكاري، والأسلوب الطلبي، فالأسلوب الابتدائي مثلاً: إنسان يكون له شخص غائب -كأخيه مثلاً-، ويكون جالساً تقول له: جاء أخوك؛ لأنه ليس منكراً لمجيئه، ويترقب الخبر عن مجيئه، تقول: جاء أخوك، وتلقي إليه الخبر بدون عوامل تأكيد، لكن إذا كان هو يشك: هل أخوه يأتي أو لا يأتي، تقول له: لقد جاء أخوك، إذ إن كلمة جاء أخوك لا تكفي، فلذلك تزيد في أسلوب التأكيد ما يعادل التشكيك الذي عنده فتقول: لقد جاء أخوك، باللام و (قد) فإذا استبعد ذلك وقال لك: لا أبداً، أنا عندي خبر أنه لن يأتي، فإنك عندئذٍ تقول له: والله لقد جاء أخوك، وتزيد التأكيد بالقسم.
إذاً: القسم لا يأتي ابتداءً؛ لأن هذا ليس من أسلوب البلاغة العربية.
هناك ناحية أخرى كما يقولون: إذا نُزل غير المنُكِر منزلة المنكر، أو العكس، وهذا فن في البلاغة ليس لنا حاجة للانشغال به الآن، فهنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تأتينا بالجملة الخبرية ابتداءً مقدمة بالقسم، إذاً: لابد من وجود شيء قبل ذلك حملها على أن تُقسم هذا القسم!! وهو أن أصل هذا الحديث أنها قالت لما توفي سعد رضي الله عنه: (مروا به على المسجد لأصلي عليه) فأنكروا عليها، كونهم يدخلون الميت المسجد، فقالت: والله، أي: أقسمت، ترد على المنكرين طلبها إدخاله المسجد.